للذي يجعل الحرير أريكا ... هكذا يحسن التذلل بالحرّ
اذا كان الهوى مملوكًا
وقال الرشيد وقد عشق ثلاث جوار:
ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان
مالي تطاوعني البرية كلّها ... وأطيعهنّ وهنّ في عصياني
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى ... وبه قوين أعزّ من سلطاني
وقال المستعين بالله بن الحكم الأموي أحد خلفاء المغرب واجآد:
عجبًا يهاب الليث حدّ سناني ... وأهاب لحظ فواتر الأجفان
وأقارع الأهوال لا متهيبًا ... منها سوى الأعراض والهجران
وتملكت نفسي ثلاث كالدمى ... زهر الوجوه نواعم الأبدان
حاكمت فيهنّ السلو إلى الصبا ... فقضى بسلطان على سلطان
فأبحن من قلبي الحمى وتركنني ... في عزّ ملكي كالأسير العاني
لا تعذلوا ملكًا تذلل للهوى ... ذلّ الهوى عزّ وملك ثاني
ما ضرّ أني عبدهنّ صبابةً ... وبنو الزمان وهن من عبداني
قلت وكم:
مثله من ملك قاهر وسلطان قادر ... تذل لهيبته الأملاك وتذعن
لسطوته الفتاك هدم الهوى ... أركانه وأذل عزه وسلطانه
فقصر جفنه في الليالي الطوال ... واقعه مع عقله الحسن في أسر
الاعتقال
فقال:
أما يكفيك أنك تملكيني ... وأن الناس كلهم عبيدي
وأنك لو قطعت يدي ورجلي ... لقلت من الرضا أحسنت زيدي
وقيل هما للرشيد وقيل هما للمأمون وقيل هما للمهدي وقال الشيخ أثير الدين أبو حيان كان السلطان أبو عبد الله محمد بن السلطان الغالب بالله أحد ملوك الأندلس جميلًا حسن السياسة متظاهرًا بالدين رأيته مرارًا بغرناطة وأنشدني شعر وأحضرت عنده إنشاد الشعراء ومن شعره:
أيا ربة الخدر التي أذهبت نسكي ... على كل حال أنت لا بد لي منك
فأما بذل وهو أليق بالهوى ... وأما بعز وهو أليق بالملك
وقال الملك الأمجد:
من مثلي في عصري ... بستاني في قصري
معشوقي مملوكي ... غني لي من شعري
وقال الملك الظاهر في مملوكه أيبك الجامدار:
أنا مالك مملوك ظبي أغيد ... ومن العجائب مالك مملوك
وأنا الفتى وإنني من وصله ... بين البرية معدم صعلوك
ولكم سفكت دمًا بسيف عنوة ... ودمي بسيف لحاظه مسفوك
وقال الملك الأشرف في مملوكه وكان خازنداره دوبيت:
أفدى قمرًا تحار فيه الصفة ... يسخو بدمي وهو أمين ثقة
ماذا عجبًا يحفظ مالي ويرى ... روحي تلفت به ولا يلتفت
وبقية ماله من المقاطيع ذكرتها في الباب الأول من نقل الكرام في مدح المقام وذكرت فيه أيضًا حكاية محبوبه ابن مملوكه وما بان فيها عنه من حسن السيرة وهي من أغرب ما يحكى عن الملوك وقال الملك تميم:
بالله جدّ لي بوعد صدق ... وخلّ هذا الدلال عنكا
ولا تدعني أظل أشكو ... مثل محياك ليس يشكا
وحكي عن المأمون أنه غضب على جاريته عريب المعنية وكان كلفا بها فأعرض عنها وأعرضت عنه ثم أسلمه الغرام وقلقه الشوق حتى أرسل إليها يطلب مراجعتها فلما اجتمعا لم تلتفت إليه وكلمها فلم ترد عليه فأنشأ يقول:
تكلم ليس يوجعك الكلام ... ولا يزري محاسنك السلام
أنا المأمون والملك الهمام ... ولكني بحبك مستهام
يحق عليك أن لاتقتليني ... فيبقى الناس ليس لهم إمام
فقالت له: يا أمير المؤمنين والدك أمير المؤمنين هرون الرشيد أعشق منك حيث يقول ملك الثلاث الآنسات الأبيات المتقدمة وتمام حكايتها ذكرتها في الباب الثاني من السكردان وهي حكاية مليحة جدًا ورأى المأمون أيضًا يومًا غلامًا مليحًا لأحمد بن يوسف فقال: ما اسمك؟ فقال: فتح. فقال المأمون:
يا فتح يا فاتحًا لبلوائي ... ويا عليمًا بطول شكوائي
الحمد لله لا شريك له ... مولاك عبدي وأنت مولائي
فبلغ ذلك أحمد فوهبه الغلام قلت فكان كما قيل:
1 / 20