(وأوفاهمُ عهدًا وأطولهم يدًا ... وأعلاهمُ فعلًا بكل مكان)
(وأضربهم بالسيفِ من دون جاره ... وأطعنهم من دُونهِ بسنانِ)
(كأن العطايا والمنايا بكفه ... سحابان مقرونان مؤتلفان)
فقلت الآن ذهبت عني الوحشة وسكنت الروعة فأنى لي به قالت يا جارية اخرجي فنادي مولاك فخرجت الجارية فما لبثت إلا هنيهة حتى جائت وهو معها في جمع من بني عمه فرأيت غلامًا حسنًا اخضر شاربه واختط عارضه وخشن جانبه فقال أي المنعمين علينا أنت فبادرت المرأة فقالت يا أبا مرهف هذا رجل نبت به أوطانه وأزعجه سلطانه وأوحشه زمانه وقد أحب جوارك ورغب في ذمتك وقد ضمنا ما يضمنه لمثله مثلك فقال بل الله فاك قال أخذ بيدي وجلس وجلست ثم قال يا بني أبي وذوي رحمي أشهدكم أن هذا الرجل في ذمتي وجواري فمن أراده فقد أرادني ومن كاده فقد كادني وما يلزمني من أمره من حال إلا ويلزمكم مثله فليسمع الرجل منكم ما يسكن إليه قلبه وتطمئن إليه نفسه. فما رأيت جوابا قط أحسن من جوابهم إذ قالوا بأجمعهم ما هي أول منة مننت بها علينا ولا أول يد بيضاء طوقتناها وما زال أبوك قبلك في بناء الشرف لنا ودفع الذم عنا فهذه أنفسنا وأموالنا بين يديك. ثم ضرب لي قبة إلى جانب بيته فلم أزل عزيزًا منيعًا حتى سنح لي السلطان ما أملت فانصرفت إلى أهلي. ومن المديح البارع قول الأخطل:
(شمس العداوة حتى يستقادَ لهم ... وأعظمُ الناسِ أحلامًا إذا قدروا)
أخذه خارجة بن مليح المكي وأحسن:
(آل الزبير نجوم يستضاء بهم ... أذا إحتبى الليل في ظلمائه زهروا)
(قومٌ إذا شومسوا لجَّ الشماسُ بهم ... ذاتَ الإباءِ وإن ياسرتهم يسروا)
1 / 62