***
فأدبر الظلم يلقي ها هنا أجلا ... وها هنا يتلقى كف ... حفار
والظلم مهما احتمت بالبطش عصبته ... فلم تطق وقفة في وجه تيار
رأى اليتيم أبو الأيتام غايته ... قصوى فشق إليها كل مضمار
وامتدت الملة السمحا يرف على ... جبينها تاج إعظام وإكبار
***
مضى إلى الفتح لا بغيا ولا طمعا ... لكن حنانا وتطهيرا لأوزار
فأنزل الجور قبرا وابتنى زمنا ... عدلا ... تدبره أفكار أحرار
***
يا قاتل الظلم صالت هاهنا وهنا ... فظايع أين منها زندك الواري
أرض الجنوب دياري وهي مهد أبي ... تئن ما بين سفاح وسمسار
يشدها قيد سجان وينهشها ... سوط ... ويحدو خطاها صوت خمار
تعطي القياد وزيرا وهو متجر ... بجوعها فهو فيها البايع الشاري
فكيف لانت لجلاد الحمى " عدن " ... وكيف ساس حماها غدر فجار ؟
وقادها وعماء لا يبرهم ... فعل وأقوالهم أقوال أبرار
أشباه ناس وخيرات البلاد لهم ... يا للرجال وشعب جائع عاري
أشباه ناس دنانير البلاد لهم ... ووزنهم لا يساوي ربع دينار
ولا يصونون عند الغدر أنفسهم ... فهل يصونون عهد الصحب والجار
ترى شخوصهم رسمية وترى ... أطماعهم في الحمى أطماع تجار
***
أكاد أسخر منهم ثم تضحكني ... دعواهم أنهم أصحاب أفكار
يبنون بالظلم دورا كي نمجدهم ... ومجدهم رجس أخشاب وأحجار
لا تخبر الشعب عنهم إن أعينه ... ترى فظائعهم من خلف أستار
الآكلون جراح الشعب تخبرنا ... ثيابهم أنهم آلات أشرار
ثيابهم رشوة تنبي مظاهرها ... بأنها دمع أكباد وأبصار
يشرون بالذل ألقابا تسترهم ... لكنهم يسترون العار بالعار
تحسهم في يد المستعمرين كما ... تحس مسبحة في كف سحار
***
ويل وويل لأعداء البلاد إذا ... ضج السكون وهبت غضبة الثار !
فليغنم الجور إقبال الزمان له ... فإن إقباله إنذار إدبار
***
Page 86