البحر : مديد تام 1

أزمعوا البين وشدوا الركابا

فاطلب الصبر وخل العتابا

2

ودنا التوديع ممن وددنا

أنهم داموا لدينا غضابا

3

فاقر ضيف البين دمعا مذالا

ياأخا الوجدة قلبا مذابا

4

فمن اللائم صبا مشوقا

أن بكى أحبابه والشبابا

5

إنما أغرى بنا الوجد أنا

ما حسبنا لفراق حسابا

6

وعريب جعلوا بالمصلى

كل قلب يوم ساروا نهابا

7

عجبا كيف رضوا أن يحلوا

من قلوب أحرقوها قبابا

8

أضحت الأرض التي جاوروها

يحسد العنبر منها الترابا

9

لاتكذب خبرا أن سلمى

سحبت بالترب ذيلا فطابا

10

وكسته حلل الروض حتى

توجت منها الربا والهضابا

11

Page 1

ابتسمت عن مثل كأس الحميا

نظم الماء عليها حبابا

12

سمتها لثم الثنايا فقالت

إن من دونك سبلا صعابا

13

حرست عقرب صدغي خدي

وحمت حية شعري الرضابا

14

ويح من يطلب من وجنتي ال

ورد أو من شفتي الشرابا

15

حق من كان لهحب سلمى

شغلا أن يستلذ العذابا

16

ولمن يمدح خير البرايا

أن يرى الفقر عطء حسابا

17

وكفاني باتباسثعي طريقا

رغب المختار فيها رغابا

18

كلما أوتيت منها نصيبا

قلت إني قد ملكت النصابا

19

يا حبيبا وشفيعا مطاعا

حسبنا أن إليك الإيابا

20

لم نقل فيك مقال النصارى

إذ أضلوا في المسيح الصوابا

21

Page 2

إنما أنت نذير مبين

أنزل الله عليك الكتابا

22

بلسان عربي بليغ

أفحم العرب فعيت جوابا

23

يطمع الأسماع فيه بيانا

وسنا طبه على العقل يابا

24

حوت الكتب لبابا وقشرا

وهو حاو من اللباب لبابا

25

يجلب الدر إلى سامعيه

كلم لم ير فيه اجتلابا

26

أشرقت أنواره فرأينا الرأ

س رأسا والذنابي ذنابا

27

ورأى الكفار ظلا فضلوا

ويحهم ظنوا السراب الشرابا

28

وإذا لم يصح باعلم ذوق

وجد الشهد من الجهل صابا

29

كيف يهدي الله منهم عنيدا

كلما أبصر حقا تغابى

30

وإذا جئت بآيات صدق

لم تزدهم بك إلا ارتيابا

31

Page 3

أنت سر الله في الخلق والس

ر على العمى أشد احتجابا

32

عاقب ماح محا الله عنك

بك ما نحذر منه العقابا

33

خصه الله بخلق كريم

ودعا الفضل له فاستجابا

34

وله من قاب قوسين ما شر

ف قوسين بذكر وقابا

35

من دنو وشهود وسر

بان عنه كل واش وغابا

36

وعلوم كشفت كل لبس

وجلت عن كل شمس ضبابا

37

لم ينلها باكتساب وفضل الل

ه ماليس ينال اكتسابا

38

وإذا زار حبيب محبا

لاتسل عن زائر كيف آبا

39

كل من تابعه نال منه

نسبا من كل فضل قرابا

40

شرف الأنساب طوبى لأصل

ولفرع حاز منه انتسابا

41

Page 4

دينه الحق فدع ما سواه

وخذ الماء وخل السرابا

42

جعل الزهد له والعطايا

والتقى والبأس والبر دابا

43

أنقذ الهلكى وربى اليتامى

وفدى الأسرى وفك الرقابا

44

بصر العمى فياليت عيني

ملئت من أخمصيه ترابا

45

أسمع الصم فمن لي بسمعي

لو تلقى لفظه المستطابا

46

ودعا الهيجاء فارتاحت الس

مر اهتزازا والسيوف انتدابا

47

تطرب الخيل برقع فتختا

ل إلى الحرب وتعدوا طرابا

48

من عتاق ركبتها كماة

لم يخافوا للمنون ارتكابا

49

كل ندب لو حكى غربه السي

ف لما استصحب سيف قرابا

50

قاطع الأهلين في الله جهرا

لم يخف لوما ولم يخش عتابا

51

Page 5

لم يبال حين يغدو مصيبا

في الوغى أو حين يغدوا مصابا

52

من حماة نصروا الدين حتى

أصبح الإسلام أحمى جنابا

53

رفعوا الإسلام من فوق خيل

أركبت كل عقاب عقابا

54

خضبوا البيض من الهام حمرا

ما تزال البيض تهوى الخضابا

55

لم يريدوا بذكور جلوها

للحروب العون إلا الضرابا

56

أرغم الهادي أنوف الأعادي

برضاهم وأذل الرقابا

57

فأطاعته الملوك اضطرارا

وأجابته الحصون اضطرابا

58

وصناديد قريش سقاها

حتفها سقي اللقاح السقابا

59

حلبوا شطريه في الجود والبأ

س فأحلى وأمر الحلابا

60

Page 6

وجدوا أخلاف أخلاقه في الخص

ب والجدب تعاف الخصابا

61

درها أطيب در فإن أم

كنك الحلب فراع العطابا

62

جيش الجيش وسرى السرايا

ودعا الخيل عقاقا عرابا

63

وهو المنصور بالرعب لو شا

ء لأغنى الرعب عنها ونابا

64

لو ترى الأحزاب طاروا فرارا

خلتهم بين يديه ذبابا

65

أولم تعجب له وهو بحر

كيف يستسقي نداه السحابا

66

كانت الأرض مواتا فأحيا

بالحيا منها الموات انسكابا

67

نزعت عنها من المحل ثوبا

وكستها من رياض ثيابا

68

سيد كيف تأملت معنا

ه رأت عيناك أمرا عجابا

69

من يزره مثقلا بالخطايا

عاد مغفور الخطايا مثابا

70

ذكره في الناس ذكر جميل

قال للكونين طيبا فطابا

71

Page 7

وسع العالم علما وجودا

فدعا كلا وأرضى خطابا

72

فتحلت منه قوم عقودا

وتحلت منه قوم سخابا

73

ليتني كنت فيمن رآه

أتقى عنهالأذى والسبابا

74

يوم نالته بإفك يهود

مثلما استنبح بدر كلابا

75

فادعني حسان مدح وزدني

إنني أحسنت منه المنابا

76

يارسول الله عذرا إذا هب

ت مقاما حقه أن يهابا

77

إنني قمت خطيبا بمدحي

ك ومن يملك منه الخطابا

78

وتراميت به في بحار

مكثرا أمواجها والعبابا

79

بقواف شرعت لأعادي

وجدوها في نفوس حرابا

80

هي أمضى من ظبي البيض حدا

في أعاديك وأنكى ذبابا

81

Page 8

فارضه جهد محب مقل

صانه حبك من أن يعابا

82

شاب ففي الإسلام لكن له في

ك فؤاد حبه لن يشابا

83

يتهنى بالأماني إنه

ه قبل ممات أنابا

84

كلما أوسعه الشيب وعظا

ضيق الخوف عليه الرحابا

85

ضيع الحزم وفيه شباب

وأتى معتذرا حين شابا

86

وغدا من سوء ماقد جناه

نادما يقرع سنا ونابا

87

أفلا أرجو لذنبي شفيعا

مارجاه قط راج فخابا

88

أحمد الهادي الذي كلما جئ

ت إليه مستثيبا أثابا

89

فاعذروا في حب خير البرايا

إن غبطنا أو حسدنا الصحابا

90

إن بدا شمسا وصاروا نجوما

وطمى بحرا وفروا ثغابا

91

Page 9

أقلعت سحب سفنهم سجالا

من علوم ووردنا انصبابا

92

وغدونا بين وجد وفقد

يعظم البشرى به والمصابا

93

وتبارأنا من النصب والرف

ض وأوجبنا لكل جنابا

94

إن قوما رضى الله عنهم

مالنا نلقى عليهم غضابا

95

إنني في حبهم لا أحابي

أحدا قط ومن ذا يحابى

96

صلوات الله تترى عليه

وعليهم طيبات عذابا

97

يفتح الله علينا بها من

جوده والفضل بابا فبابا

98

Page 10

ماانتضى الشرق من الصبح سيفا

وفرى من جنح ليل إهابا

البحر : وافر تام 1

بمدح المصطفى تحيا القلوب

وتغتفر الخطايا والذنوب

2

وأرجو أن أعيش به سعيدا

وألقاه وليس علي حوب

3

نبي كامل الأوصاف تمت

محاسنه فقيل له الحبيب

4

يفرج ذكره الكربات عنا

إذا نزلت بساحتنا الكروب

5

مدائحه تزيد القلب شوقا

إليه كأنها حلي وطيب

6

وأذكره وليل الخطب داج

علي فتنجلي عني الخطوب

7

وصفت شمائلا منه حسانا

فما أدري أمدح أم نسيب

8

ومن لي أن أرى منه محيا

يسر بحسنه القلب الكئيب

9

كأن حديثه زهر نضير

وحامل زهره غصن رطيب

10

ولي طرف لمرآه مشوق

ولي قلب لذكراه طروب

11

Page 11

تبوأ قاب قوسين اختصاصا

ولا واش هناك ولا رقيب

12

مناصبه السنية ليس فيها

لإنسان ولا ملك نصيب

13

رحيب الصدر ضاق الكون عما

تضمن ذلك الصدر الرحيب

14

يجدد في قعود أو قيام

له شوقي المدرس والخطيب

15

على قدر يمد الناس علما

كما يعطيك أدوية طبيب

16

وتستهدي القلوب النور منه

كما استهدى من البحر القليب

17

بدت للناس منه شموس علم

طوالع ما تزول ولا تغيب

18

وألهمنا به التقوى فشقت

لنا عما أكنته الغيوب

19

خلائقه مواهب دون كسب

وشتان المواهب والكسوب

20

مهذبة بنور الله ليست

كأخلاق يهذبها اللبيب

21

Page 12

وآداب النبوة معجزات

فكيف ينالها الرجل الأديب

22

أبين من الطباع دما وفرثا

وجاءت مثل ما جاء الحليب

23

سمعنا الوحي من فيه صريحا

كغادية عزاليها تصوب

24

فلا قول ولا عمل لديها

بفاحشة ولا بهوى مشوب

25

وبالأهواء تختلف المساعي

وتفترق المذاهب والشعوب

26

ولما صار ذاك الغيث سيلا

علاه من الثرى الزبدالغريب

27

فلاتنسب لقول الله ريبا

فما في قول ربك ما يريب

28

فإن تخلق له الأعداء عيبا

فقول العائبين هو المعيب

29

فخالف أمتي موسى وعيسى

فما فيهم لخالقه منيب

30

فقوم منهم فتنوا بعجل

وقوما منهم فتن الصليب

31

Page 13

وأحبار تقول له شبيه

ورهبان تقول له ضريب

32

وإن محمدا لرسول حق

حسيب فينبوته نسيب

33

أمين صادق بر تقي

عليم ماجد هاد وهوب

34

يريك على الرضا والسخط وجها

تروق به البشاشة والقطوب

35

يضيء بوجهه المحراب ليلا

وتظلم في النهار به الحروب

36

تقدم من تقدم من نببي

نماه وهكذا البطل النجيب

37

وصدقه وحكمه صبيا

من الكفار شبان وشيب

38

فلما جاءهم بالحق صدوا

وصد أولئك العجب العجيب

39

شريعته صراط مستقيم

فليس يمسنا فيها لغوب

40

عليك بها فإن لها كتابا

عليه تحسد الحدق القلوب

41

Page 14

ينوب لها عن الكتب المواضي

وليست عنه في حال تنوب

42

ألم تره ينادي بالتحدي

43

عن الحسن البديع به جيوب

44

ودان البدر منشقا إليه

وأفصح ناطقا عير وذيب

45

وجذع النخل حن حنين ثكلى

له فأجابه نعم المجيب

46

وقد سجدت له أغصان سرح

فلم لا يؤمن الظبي الربيب

47

وكم من دعوة في المحل منها

ربت واهتزت الأرض الجديب

48

وروى عسكرا بحليب شاة

فعاودهم به العيش الخصيب

49

ومخبول أتاه فثاب عقل

إليه ولم نخله له يثوب

50

وما ماء تلقى وهو ملح

أجاج طعمه إلا يطيب

51

Page 15

وعين فارقت نظرا فعادت

كما كانت ورد لها السليب

52

وميت مؤذن بفراق روح

أقام وسريت عنه شعوب

53

وثغر معمر عمرا طويلا

توفي وهو منضود شنيب

54

ونخل أثمرت في دون عام

فغار بها على القنو العسيب

55

ووفى منه سلمان ديونا

عليه ما يوفيها جريب

56

وجرد من جريد النخل سيفا

فقيل بذاك للسيف القضيب

57

وهز ثبير عطفيه سرورا

به كالغصن هبته الجنوب

58

ورد الفيل والأحزاب طير

وريح مايطاق لها هبوب

59

وفارس خانها ماء ونار

فغيض الماء وانطفأ اللهيب

60

وقد هز الحسام عليه عاد

بيوم نومه فيه هبوب

61

Page 16

فقام المصطفى بالسيف يسطو

على الساطي به وله وثوب

62

وريع له أبو جهل بفحل

ينوب عن الهزبرله نيوب

63

وشهب أرسلت حرسا فخطت

على طرس الظلام بها شطوب

64

ولم أر معجزات مثل ذكر

إليه كل ذي لب ينيب

65

وما آياته تحصى بعد

فيدرك شأوها مني طلوب

66

طفقت أ ‘ د منها موج بحر

وقطرا غيثه أبدا يصوب

67

يجود سحابهن ولا انقشاع

ويزخر بحرهن ولا نضوب

68

فراقك من بوارقها وميض

وشاقك من جواهرها رسوب

69

هدانا للإله بها نبي

فضائله إذا تحكى ضروب

70

وأخبر تابعيه بغائبات

وليس بكائن عنه مغيب

71

Page 17

ولا كتب الكتاب ولا تلاه

فيلحد في رسالته المريب

72

وقد نالوا على الأمم المواضي

به شرفا فكلهم حسيب

73

وما كأميرنا فيهم أمير

ولا كنقيبنا لهم نقيب

74

كأن عليمنا لهم نبي

لدعوته الخلائق تستجيب

75

وقد كتبت علينا واجبات

أشد عليهم منها الندوب

76

وما تتضاعف الأغلال إلا

إذا قست الرقاب أو القلوب

77

ولما قيل للكفار خشب

تحكم فيهم السيف الخشيب

78

حكوا في ضرب أمثلة حميرا

فواحدنا لألفهم ضروب

79

وما علماؤنا إلا سيوف

مواض لاتفل لها غروب

80

سراة لم يقل منهم سري

ليوم كريهة يوم عصيب

81

Page 18

ولم يفتنهم ماء نمير

من الدنيا ولا مرعى خصيب

82

ولم تغمض لهم ليلا جفون

ولا ألفت مضاجعها جنوب

83

يشوقك منهم كل ابن هيجا

على اللأواء محبوب مهيب

84

له من نقعها طرف كحيل

ومن دم أسدها كف خضيب

85

وتنهال الكتائب حين يهوى

إليها مثل ما انهال الكثيب

86

على طرق القنا للموت منه

إلى مهج العدا أبدا دبيب

87

يقصد في العدا سمر العوالي

فيرجع وهو مسلوب سلوب

88

ذوابل كالعقود لها اطراد

فليس يشوقها إلا التريب

89

يخر لرمحه الرومي أني

تيقن أنه العود الصليب

90

ويخضب سيفه بدم النواصي

مخافة أن يقال به مشيب

91

Page 19

له في الليل دمع ليس يرقا

وقلب ما يغب له وجيب

92

رسول الله دعوة مستقيل

من التقصير خاطره هبوب

93

تعذر في المشيب وكان عيا

وبرد شبابه ضاف قشيب

94

ولا عتب على من قام يجلو

محاسن لا ترى معها عيوب

95

دعاك لكل معضلة ألمت

به ولكل نائبة تنوب

96

وللذنب الذي ضاقت عليه

به الدنيا وجانبها رحيب

97

يراقب منه ما كسبت يداه

فيبكيه كما يبكي الرقوب

98

وأني يهتدي للرشد عاص

لغارب كل معصية ركوب

99

يتوب لسانه عن كل ذنب

ولم ير قلبه منه يتوب

100

تقاضته مواهبك امتداحا

وأولى الناس بالمدح الوهوب

101

Page 20