أَصدَرتَها بِهِمُ مُنَدَّبَةَ الذُرى ... مِن ثِقلِ ما أَسدَيتَ ناقِعَةَ الصَدا
رَيّانَةً لَو أُبرِكَت في جَدجَدٍ ... صَلدٍ لأَوجَلتِ المَكانَ الجَدجَدا
حَمَّلتَ مَن حَمَلَت إِلَيكَ صَنائِعًا ... تُوهي الجِمالَ بَلِ الجِبالَ الرُكَّدا
وَمَحامِدًا مَلَأَت مَسامِعَ ضارِبٍ ... في الأَرضِ إِمّا مُتهِمًا أَو مُنجِدا
يا مَن يُشَيِّدُ ما تَهَدَّمَ بِالقَنا ... لا خَلقَ أَقدَرُ مِنكَ هدَّ وَشَيّدا
أَتعَبتَ نَفسَكَ في بِناءِ مَجالِسٍ ... لَم تَبنِها حَتّى بَنَيتَ السُؤدُدا
وَمَلَأتَ أَكثرَ ما مَلأتَ أَساسَها ... قِمَمًا فَما احتاجَ الأَساسُ الجَلمَدا
وَجَلَستَ في دَستِ الخِلافَةِ جلسَةً ... نَظَرَت إِلَيكَ بِها الكَواكِبُ حُسَّدا
في سَفحِ شاهِقَةِ البُروجِ كَأَنَّما ... يَكسُو جَوانِبَها الرَبيعُ زَبَرجدَا
مَوصولَةٌ بِالجَوِّ تَحسَبُ ضوءَها ... ساري الدُجُنَّةِ كَوكَبًا أَو فَرقَدا
رَفَعَت مَشاعِلُها الدُخانَ فقنعت ... وَجهَ السَماءِ بِهِ قِناعًا أَسوَدا
نَظَروا إِلى مَن فَوقَها في بُعدِهِ ... وَإِلى عُلاكَ فَكُنتَ فيهِ الأَبعدَا
وَرَأَوكَ في صَدرِ الإِوانِ فَعايَنوا ... نُورًا أَنارَ وَبَحرَ جُودٍ أَزبَدا
سارَت بِذا طُلَلُ الرِكابِ وَغَرَّقَت ... أَمواجُ ذا بِالمَكرُماتِ الوُفَّدا