Discussions on Creed in Surah Az-Zumar
مباحث العقيدة في سورة الزمر
Publisher
مكتبة الرشد،الرياض،المملكة العربية السعودية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٥هـ/١٩٩٥م
Genres
هذا ابن جرير١ وادعى الفخر الرازي الإجماع على ذلك٢ ولقد أجاب الرسول ﷺ ذلك الوفد بنقض شبهتهم بأنه لو لزم من وجود عيسى من أم بلا أب كونه ابنًا لله للزم أن يكون آدم ابنًا لله - تعالى - بطريق الأولى، فإنه وجد من غير أم ولا أب، وأنتم تعترفون بذلك، ثم إنه ذا جاز أن يخلق الله - تعالى - آدم من التراب فلم لا يجوز أن يخلق عيسى من دم مريم؟ بل هذا أقرب إلى العقل فإن تولد الحيوان من الدم الذي يجتمع في رحم الأم أقرب من تولده من التراب اليابس، وهذا دليل ملزم لهم لأنهم لم يقولوا بأن آدم إله كما زعموا ذلك في عيسى ﵇، وفي قوله: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ﴾ .
قال الزمخشري: "هو مثيله في أحد الطرفين فلا يمنع اختصاصه دونه بالطرف الآخر من تشبيهه به لأن المماثلة مشاركة في بعض الأوصاف ولأنه شبيه به في أنه وجد وجودًا خارجًا عن العادة المستمرة وهما في ذلك نظيران، ولأن الوجود من غير أب وأم أغرب ليكون أقطع للخصم وأحسم لمادة شبهته إذا نظر فيما هو أغرب مما استغربه" أ. هـ٣.
وقوله تعالى: ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾ ليس صفة لآدم ولا صلة له، وإنما هو خبر مستأنف على جهة التفسير لحال آدم كما ذكر ذلك الرازي ونقل عن الزجاج قوله: "هذا كما تقول في الكلام مثلك كمثل زيد تريد أن تشبهه به في أمر من الأمور ثم تخبر بقصة زيد فتقول: فعل كذا وكذا"٤.
وأما شبهتهم في قوله: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ ٥ حيث قالوا إن هذا الجزء من الآية دليل على أن عيسى جزء من الله ويقولون: "من" في قوله "من" تبعيضية فيكون عيسى جزءًا من الله - تعالى الله - عن ذلك علوًا كبيرًا، فالروح هنا، قيل: النفخة فيكون معنى قوله: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ أي: نفخة منه لأنه حدث عن نفخة جبريل ﵇ في درع مريم بأمر الله إياه بذلك فنسب إلى أنه روح من الله لأنه بأمره كان، وإنما سمي النفخ "روحًا" لأنها ريح تخرج من الروح واستشهدوا على ذلك بقول ذي الرمة:
١- جامع البيان ٣/٢٩٥. ٢- التفسير الكبير ٨/٧٤. ٣- الكشاف ١/٤٣٣. ٤- التفسير الكبير: ٨/٧٤. ٥- جزء من الآية رقم: ١٧١ من سورة النساء.
1 / 104