Diraya
كتاب الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية
Genres
{ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله }يعني: بالمحاربة: الكفر بعد الإسلام .
قال: وذلك أن أناسا من عرينة أسلموا، فلما هاجر النبي إلى المدينة فأصابهم مرض فاستأذنوا النبي أن يخرجوا إلى إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها, فأذن لهن النبي صلى الله عليه وسلم فلما صحوا ارتدوا عن الإسلام , وقتلوا الراعي, واستاقوا الإبل معهم, فنزلت فيهم { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } يعني : بالكفر بعد الإيمان { ويسعون في الأرض فسادا } يعني: يعملون فيها بالمعاصي والقتل , وأخذ الأموال بغير حق جزاؤهم { أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف } يعني: اليد اليمنى والرجل اليسرى, فللإمام في ذلك كله خيار.
ثم قال : { أو ينفوا من الأرض } يعني: أو يطلبوا حتى يهربوا من أرض المسلمين فينفوا بالطرد { ذلك } يعني: هذا الجزاء { لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم } فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم, فأخذ منهم أناسا فأقام فيهم الحد .
ثم استثنى فقال: { إلا الذين تابوا } يعني: من الكفر { من قبل أن تقدروا عليهم }فتقيموا فيهم الحد { فاعلموا أن الله غفور رحيم }، { غفور } لما كان منهم إلى الشرك { رحيم } بهم بعد التوبة في الإسلام .
يقول: من جاء منهم مسلما تائبا من قبل أن يؤخذ فلا سبيل عليه {حيث} هدم الإسلام ما فعل في الشرك كان أعظم منه, فيحكم الحاكم اليوم على من يرتد عن الإسلام ثم قتل وأخذ الأموال , وقدر عليه قبل أن يسلم ويتوب إلى الله , أن يقتل ويصلب , فإن قتل ولم يأخذ الأموال قتل.
فإن أخذ الأموال ولم يقتل أن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى من خلاف .
Page 93