104

Dirasat Can Muqaddimat Ibn Khaldun

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

Genres

كل شيء يدل على أن ابن خلدون كان يكتب من وقت إلى آخر بعض الملاحظات والمعلومات الجديدة على حاشية النسخة التي بين يديه، وهذه الحواشي والتعليقات كانت تدخل المتن - بعد مدة - تارة على يده هو، وطورا على يد النساخ.

وعلى كل حال يحق لنا أن نحكم - والحالة هذه - على أن النسخة الباريسية التي تحتوي على مثل هذه الفقرات المضافة، أحدث من النسخة المصرية.

وأما الفروق التي من النوع الرابع فتشبه فروق النوع الثالث من هذه الوجهة، وتدل على إضافات جرت بعد مرور مدة على كتابة سائر الفصول.

وبما أن النسخة الباريسية تزيد على النسخة المصرية بفصول عديدة، يحق لنا أن نحكم - من هذه الوجهة أيضا - على أن أصل النسخة الباريسية أحدث من أصل النسخة المصرية من حيث العموم. (4)

هذا ومما تجب ملاحظته في هذا الصدد أن النسخة الباريسية تختلف عن النسخة المصرية من وجهة أخرى أيضا:

إن الديباجة المسطورة في الطبعة المصرية تنتهي بكلمة إتحاف طويلة (ص7-9)، يجدر بنا أن نجتزئ منها العبارات التالية: «أتحفت بهذه النسخة منه (أي من كتاب العبر) خزانة مولانا السلطان الإمام المجاهد الفاتح الماهد، أمير المؤمنين أبي فارس عبد العزيز، من ملوك بني مرين الذين جددوا الدين، وبعثته إلى خزانتهم الموقوفة لطلبة العلم بجامع القرويين من مدينة فاس، حاضرة ملكهم وكرسي سلطانهم.»

إن هذا الإتحاف غير مؤرخ بتاريخ ما، ولكننا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أولا مدة سلطنة السلطان عبد العزيز المشار إليه، وثانيا ما كتبه ابن خلدون بنفسه في ترجمة حياته عن إرسال الهدايا إلى سلطان المغرب؛ نستطيع أن نحكم على أن هذا الإتحاف كتب بين سنة 797 وسنة 799 هجرية/1394-1396 ميلادية.

إن الوقفية التي وجدت في أول المجلد الخامس من كتاب العبر المحفوظ في خزانة كتب جامع القرويين تؤيد ذلك بصورة قطعية؛ لأنها مؤرخة بتاريخ صفر 799، وهذا التاريخ يقابل شهر تشرين الثاني من سنة 1396 ميلادية تماما (إننا أدرجنا صورة الوقفية في ذيل هذا البحث.)

فنحن نستطيع أن نقول - بناء على ذلك - إن المخطوطة التي صارت أساسا للطبعة المصرية ترينا «مقدمة ابن خلدون» في الحالة التي كانت وصلت إليها في التاريخ المذكور.

إن الطبعة الباريسية عارية عن هذه الكلمة الإتحافية، وإذا لاحظنا كثرة الفصول والأبحاث الزائدة في الطبعة المذكورة بالنسبة إلى الطبعة المصرية، واستبعدنا في الوقت نفسه احتمال حذف هذه الفصول والأبحاث من المقدمة عند إرسالها إلى فاس؛ اضطررنا إلى الحكم بأن الفصول والأبحاث المذكورة قد أضيفت إلى المقدمة بعد التاريخ المستفاد من كلمة الإتحاف، أي بعد سنة 1396 ميلادية. (5)

Unknown page