أبو عبيدة قال: سئل أبو عمرو بن العلاء أي قيس؟ أذكر فأنشد الفرزدق:
ومن يك عن قيس بن عيلان سائلًا ... ففي غطفان عز قيس وخيرها
هم حاملوها والفوارس منهم ... وفاتكهم منها ومنها بدورها
عبد الله بن بدر السهمي قال: أخبرني أبي قال: قال: لي معن ابن زائدة: ما فاخرت رجلًا قط إلا فخرته بفرسان بني شيبان غير رجل واحد من قيس فإنه فاخرني فلم ينتصف واحد من صاحبه، فلما طال الفخار بيني وبينه قال: يا أبا الوليد ها هنا كلمة لعلها أن تفصل بيني وبينك، فقلت: هاتها، قال: أخبرني عن الرجل إذا كان فارسًا شجاعًا كيف يقال، كأنه من فرسان قيس، أو كأنه من فرسان بني شيبان؟ قال: لا، بل يقال: كأنه من فرسان قيس، فأقررت فتفرقنا. وتحقيق ذلك قول مروان بن أبي حفصة القرشي:
ألم تر قيسًا لا تزال حليفة ... يرى فيهم يومًا أغر محجلًا
معاقلنا قيس ولم نر مثلهم ... لمن يبتغي حزن المعاقل معقلا
فوارس ما من جمع قوم يراهم ... لدى مأزق إلا استخف فأجفلا
يشيط على أرماحهم كل معلن ... على عادة يغشى الوغي غير أعزلا
إذا أنجدتنا قيس عيلان بالفتى ... فلسنا نبالي بعدها من تخذلا
إذا خطر العبسي بالرمح في الوغي ... سقاه دمًا حتى يعل وينهلا
وكان فيهم فارس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم العباس ابن مرادس السلمي، وكان فيهم رجل كان ربع الإسلام وهو عمرو بن عبسة، وتزوج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم منهم امرأتين ميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب أم المساكين.
قال أبو عبيدة: كان منهم خمسة رؤساء توالوا في الجاهلية كان بدر بن عمرو رئيس القوم وقائدهم، وله يقول حاتم طي:
النازلون بكل معترك ... والطاعنون وخيلهم تجرى
ثم كان حذيفة بن بدر رئيس القوم وله يقال:
لأصرفن إلى حذيفة مدحتي ... لفتى العشى وفارس الأحزاب
ثم كان حصن بن حذيفة رئيس الأحلاف أسد وغطفان، وغزا عكاظ وكانت له سبعون غارة في الجاهلية، ولهم يقول النابغة:
هم الدرع التي استلأمت فيها ... إلى أهل النسار وهم مجنى
وهم وردوا الجفار على تميم ... وهم أصحاب يوم عكاظ إني
شهدت لهم مواطن صالحات ... أتيتهم بحسن الظن مني
أبو عمرو المدني: قال رجل من أهل الحجاز أثق به أن دغفلا العلامة قال: لنا عشر خصال يوم السلات ويوم خزازي ويوم ذي قار والبحرين واليمامة وشاطئ الفرات، ووفدت وفود العرب إلى كسرى، وليس فيهم بسطام بن قيس فبعث إليه بجائزته إلى بيته، ولنا لا حربوادي عوف وأعز من كليب وائل. وهوذة ذو التاج الكلبي قال: حدثني خراش بن إسماعيل العجلي، قال كانت لقيس بن مسعود حظيرة له فيها مائة من الإبل للأضياف كلما نحر ناقة أعاد مكانها فيها أخرى، ففيه يقول الشماخ:
دافع بألبانها عنكم كما دفعت ... عنهم لقاح بني قيس بن مسعود
وفي قيس بن خالد يقول طرفة:
فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد ... ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
قال: وقال دغفل: كانت الجاهلية للأيامن، والإسلام لمضر، والفتن لربيعة.
وسمعت أبا عمرو والمدني يقول بالمدينة: لا والله ما كان يوم نفاق قط إلا ذهبت ربيعة فيه بالصوت والنجدة، لعل ما يكون ذلك إلا كذلك، ثم أنشدني:
وكنا حسبنا كل سوداء تمرة ... ليالي لاقينا جذامًا وحميرا
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ... ببعض أبت عيدانه أن تكسرا
ليالي لقينا من ربيعة عصبة ... يقودون شعثًا في الأعنة ضمرا
سقيناهم كأسًا سقونا بمثلها ... ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
قال أبو عبيدة: وأنشدني أبو عمرو بن العلاء لأبي المهوش:
منعت ربيعة بالأسنة منكم ... تمر العراق وما يلذ الحنجر
1 / 24