أبي أردت أن أقصد إلى رحابك وأنا غني من المال قادر على مواجهة الدنيا لا أحتاج من كريم يديك إلا لمسة الأب، وإلا هذه الابتسامة التي شققت بها وإليها طريقي.
إن هذا الخطاب الذي بين يديك قديم، ولد في ذهني وفي قلبي يوم طردتني، وما زلت أكتبه كل يوم وأعيد كتابته، فهو أملي.
لم يكن أملي منذ ذلك اليوم أن أنجح، لا ولا أن أكون غنيا، لا ولا أن أصبح بين المشاهير، وإنما كان أملي أن أركع في مكاني هذا عند قدميك وأنا غني ناجح مشهور لا ألتمس منك إلا الصفح والرضا والأبوة، وإنها لكثير.
أردت أن أعوذ بك أنت لا أن أعوذ بمالك، وأردت أن ألجأ إليك، إليك أنت لا إلى بيتك، أردت أن أطلب صفحك ورضاك وأنا في غنى عن الحاجة المادية، فأنا أحبك حبا ما كنت لتدريه لولا هذه السنوات، كيف كنت تدري مدى حبي لك إن لم ترني مرتميا عند أعتابك أطلب حبك في غنى عن مالك.
حرمت نفسي منك عشر سنوات وحرمتك مني هذا السنوات من أجل هذه اللحظة، أبي إني أرى هذه اللحظة تعدل العمر جميعه، ألا تراها أنت كذلك؟
فكرة - أهي مجنونة أم حكيمة؟ - لا أدري، وإنما سيطرت علي منذ طردتني، أقسمت ألا أعود إليك إلا بعد أن أستطيع القيام بأمر نفسي ولا أطلب الصفح إلا من أجل رضاك وحبك.
إن تكن صفحت يا أبي عن هذه السنوات التي حرمتك مني، وإن تكن راضيا فمد يديك أقبلها وضمني إليك، وإن لم فدعني إذن في مكاني حتى ترضى، فما أحب أن أظل عمري جميعه في مكاني هذا منك وأنت في مكانك هذا مني. •••
وبيد بللتها الدموع أقام الأب ولده، وبقلب يفيض بالشوق ارتمى الفتى على يد أبيه يقبلها ويضمها، ذخره وحياته وأمله وأبوه.
Unknown page