والآن يصدر هذا الجزء الثاني من «ذكريات» طبقا للموضوعات وليس لمراحل الحياة مثل: الفقر السعيد، اكتشاف المواهب، الحب العذري، القضاء والمحاكمات، الاضطهاد العلمي، الدين والسياسة، العلم والعالم، التأليف والمؤلفات، المساعدون والمساعدات، العواطف والانفعالات، ضعف الجسد، مشروعات المستقبل.
ومن المؤلفات المساعدة لمشروع «التراث والتجديد» في مستواه الثقافي، جمال الدين الأفغاني «فيلسوف الثورة» لإعجابي به منذ أن كنت في المدرسة الثانوية ثم في الجامعة المصرية، وعباراته التي ما زالت ترن في الآذان مثل عبارة أحمد لطفي السيد «مصر للمصريين.» والتي أصبحت شعارا للتحرر الوطني، ثم «إن الله خلقنا أحرارا، ولم يخلقنا تراثا أو عقارا، والله لا نورث بعد اليوم.» وهي العبارة التي أطلقها أحمد عرابي أمام قصر عابدين عند مواجهة الخديوي توفيق، و«عجبت لك أيها الفلاح تشق الأرض بفأسك، ولا تشق قلب ظالمك» والتي تنادي بثورة الفلاحين ضد الإقطاع، و«الأرض لمن يفلحها» وهي العبارة التي أقامت عليها الثورة المصرية في يوليو 1952م قانون الإصلاح الزراعي. ومع ذلك أخطأ الأفغاني في الرد على الدهريين بهجومه على «الماترياليست»، «السوسياليست»، «الكومونيست». فقد كانت هذه الصورة لهذه المذاهب في القرن التاسع عشر. ولم يعرف الأفغاني أن المادية هي أساس الرأسمالية أيضا، وأن الاشتراكية في الإسلام، وأن الشيوعية نوع من الاشتراكية.
ومن الكتب الثقافية المساعدة «دراسات إسلامية» وبها محاولة للإجابة على ثلاثة أسئلة: لماذا غاب مبحث الإنسان في تراثنا القديم؟ ولماذا غاب مبحث التاريخ في تراثنا القديم؟ وعلم أصول الفقه.
وأيضا كتاب «دراسات فلسفية» يحتوي دراسات عن فلسفة السؤال، وماهية النص، و«ثورة الجماهير» عند أورتيجا، و«جوهر الدين» عند فيورباخ ، وغيرها من المقالات الفلسفية في الفلسفة الغربية.
كما صدر أيضا كتاب «فيشته، فيلسوف المقاومة». وقد كان إعجابي به منذ السنة الثالثة في قسم الفلسفة بآداب القاهرة. كان قد أصدر نداءات للأمة الألمانية لمقاومة غزو نابليون لألمانيا.
كما صدر «برجسون، فيلسوف الحياة»
7
إعجابا بفكره منذ كنت طالبا، ولنقده «علم النفس السيكوفيزيقي» في المعطيات البديهية للوجدان، ونقده التصور المادي للنفس في «المادة والذاكرة»، وتأثير «الطاقة الروحية» و«الفكر والمحرك» على المنهاج الإسلامي العام. وهي من نوع أفكاري الأولى والتي تتكون من جانبين؛ الثابت ويشمل التصور والنظام، والمتحرك ويشمل القوة والحركة.
وأخيرا كتب برجسون «منبعا الأخلاق والدين» مبينا أن هناك نوعين من الأخلاق والدين؛ الأول ثابت شكلي مظهري لا حياة فيه. والثاني جوهري مملوء بالحياة. وهو ما عبرت عنه بعد ذلك في كتابي «من العقيدة إلى الثورة»؛ فالعقيدة من النوع الأول، والثورة من النوع الثاني. وتدور معظم أعمال برجسون على هذا التصور «الثابت والمتحرك» مثل كتاب «الديمومة والمعية» في تحليل الزمان. فهناك فرق بين الديمومة عندما يتواصل فيها زمانان، والمعية عندما يتعاقب فيها زمانان. فالزمان إما متصل أو منفصل، المتصل هو الحياة، والمنفصل هو الموت.
كما كتب برجسون عن «الضحك» متسائلا: لماذا يضحك الإنسان؟ وكانت الإجابة عندما يتوقع الإنسان المتحرك فيفاجأ بالثابت، مثل مشاهدة إنسان يسير ثم ينزلق على الأرض كما هو الحال في الكوميديا على المسرح.
Unknown page