321

Thamarāt al-awrāq (maṭbūʿ bi-hāmish al-mustaṭraf fī kull fann mustaẓraf li-l-Shihāb al-Abshīhī)

ثمرات الأوراق (مطبوع بهامش المستطرف في كل فن مستظرف للشهاب الأبشيهي)

Publisher

مكتبة الجمهورية العربية

Publisher Location

مصر

حليها وحللها، ومراعي الربيع قد وعدت حتى الشمس لتسمين حملها، والشتاء قد آن أن يقوض الخيام، والأفق قد شمر للأنصراف ذيل الغمام، ومبدأ الروض أحق بقول أبي الطيب المتنبي:
لقد حَسُنت بك الأيام حتَّى ... كأنّك في فمِ الدهر إبتسامُ
فأتينا الكسوة فلبسنا منها للمسرة ثيابًا سابغة الذيول، وطفنا منها بكعبة الفضل طوافًا واضح الإقبال والقبول، وقلنا للمقاصد تباشري بالخطوة، ولعيون الإقبال تأملي فما أحسن الكعبة في الكسوة، ومررنا والخيل تجمز جمزًا، وجزنا بالصنمين فهمت أن تفخر بمواطىء خيلنا على اللات والعزى، وصعدنا منزلة رأس الماء فكاد الطرب يهزه هزا، ورأينا بينها وبين منزلة المغير روضنا قد أخضرَّ جنابها، وطرزت بآثار طرف ثيابها، فأمت بالقول فقلت:
سقى الله أرضًا طرقها مثل طرزها ... وسائرها بردٌ من الوشي أخضر
تذكرت أحبابي بمثوى بريدها ... فعيني رأس الماء وجسمي المغيرّ
ووافينا الحصين وقد راغت الخيل روغان أبيه، وتلقتنا بالبشر والبشرى وجوه أهليه، وسألونا أن نريح عندهم الركاب من الأين، وعجلوا بالضيافة على الفتوح ولا ينكر تعجيل الفتوح للحصين، ووجدنا هناك فقيرًا مغربيًا حسن التلاوة، وقد عجز عن المسير،

2 / 79