التي يصير بها الإنسان خليقًا أن يفعل شيئًا دون شيء، كمن هو خليق بالغضب لحدة مزاجه، ولهذا خص كل حيوان بخلق في أصل خلقته، كالشجاعة للأسد، والجبن للأرنب، والمكر للثعلب.
ويجعل الخلق تارة من الخلاقة وهي الملابسة، وكأنه اسم لما مرن عليه الإنسان من قواه بالعادة، وقد روي: " أفضل الأعمال الخلق الحسن " وروي: " ما أعطى اللَّه أحدًا أفضل من خلق حسن " فجعل الخلق مرة للهيئة الموجود في النفس التي يصدر عنها الفعل بلا فكر.
وجعل مرة اسمًا للفعل الصادر عنه باسمه، وعلى ذلك أسماء
أنواعها نحو العفة والعدالة والشجاعة، فإن ذلك يقال للهيئة والفعل جميعًا، وربما تسمى الهيئة باسم، والفعل الصادر عنها باسم، كالسخاء والجود، فإن السخاء اسم للهيئة التي عليها الإنسان، والجود اسم للفعل الصادر عنها، وإن كان قد يسمَّى كل واحد باسم الآخر من فضله.
وأما العادة: فاسم لتكرير الفعل أو الانفعال، من عاد يعود، وبها يكمل الخلق، وليس للعادة فعل إلا تسهيل خروج ما هو بالقوة في الإنسان إلى الفعل.
فأمَّا أن تجذب السجية إلى خلاف ما خلقت له، فمحال، فالسجيَّة فعل
الخالق ﷿ والعادة فعل المخلوق، ولا ييطل فعل المخلوق فعل الخالق، ولكن ربَّما يقوي العادة قوة محكمة حتى تعد سجية، وبهذا النظر قيل: العادة طبيعة ثانية.
1 / 97