وقيل: جماع المكارم في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)
وذلك أنه بالإيمان يحصل العلم والحكمة، وذلك بإصلاح الفكرة، وبالمجاهدة بالأموال والأنفس تحصل العفة والجود اللذان هما تابعان لإصلاح الشهوة، والشجاعة والحلم اللذان هما تابعان لإصلاح الحمية، وعلى ذلك قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) .
وقال النبي ﷺ في تفسير ذلك: " هو أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك "، فالعفو عمن ظلمك نهاية الحلم والشجاعة، وإعطاء من حرمك نهاية الجود، ووصل من قطعك نهاية الإحسان، واللَّه أعلم.
الفرق بين الطبع والسجية والخلق والعادة
الطبع: أصله من طبع السيف: اتخاذ الصورة المخصوصة من الحديد، وكذلك الطبيعة والضريبة اعتبارًا بضرب الدراهم، والنحتية اعتبارًا بالنحتة، والنجر اعتبارًا بنجر الخشب، والغريزة اعتبارًا بما غرز عليه. وكل ذلك اسم للقوة التي لا سبيل إلى تغييرها
والشيمة اسم للحالة التي عليها الغريزة، اعتبارًا بالشامة في أصل الخلقة.
والسجية: اسم لما يسجى عليه الإنسان من قولهم: عين ساجية، أي فاترة خِلْقة، وأكثر ما يستعمل ذلك كله فيما لا يمكن تغييره.
وأما الخُلُق في الأصل فهو كالخَلق كقولهم الشَرْب والشرُب، والصَّرْم والصُّرُم، لكن الخُلُق يقال في القوى المدركة بالبصيرة، والخَلْق في الهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وجعل الخلق تارة للقوة الغريزية، ولهذا قال ﵊:
" فرغ الله من الخلق والخلق والرزق والأجل "،
وتارة يجعل اسمًا للحالة المكتسبة
1 / 96