29

Dharica Fi Makarim Sharica

الذريعة إلى مكارم الشريعة

Investigator

د. أبو اليزيد أبو زيد العجمي

سوء عن عرف سوء)، ولهذا قيل: من طابت نفسه طاب عمله، ومن خبثت نفسه خبث عمله، وقال ﷺ: " المؤمن أطيب من عمله والكافر أخبث من عمله " بل قد أشار تعالى إلى ذلك بقوله: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) وبقوله: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا) ولأجل أنه لا يطيب عمل من خبثت نفسه قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى) وقال بعضهم في قوله ﷺ: " لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ": إنه أشار بالبيت إلى القلب وأشار بالكلب إلى الحرص والحسد ونحوهما، ونبَّه أن نور اللَّه تعالى لا يدخله إذا كان فيه ذلك، واستدل لذلك بأن الحرص يقال له: الكلب، فإنه يقال: فلان أحرص من الكلب. ويقوي ذلك ما روي: أن التقوى لا تسكن إلا قلبا نظيفًا. وإلى الطهارتين أشار بقوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وكنى بالثياب عن البدن، قال الشاعر: ثياب بني عوف طهارى نقية ... وأوجههم عند المشاهد غران وقال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (٣٣) وقال تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) وقال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) . وقد قال بعض العلماء: إنما سمي الحواريون بذلك؛ لأنهم كانوا يطهرون نفوس الناس بلإفادتهم الدين والعلم. من قولهم: حورته، أي بيضته، وما روي أنهم كانوا قصارين فإشارة إلى هذا المعنى، وإن كان من لم يتخصص بمعرفة الحقائق تصور من هذا التفسير المهنة المعروفة بين الناس.

1 / 87