93

Dhakhira

الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة

Investigator

إحسان عباس

Publisher

الدار العربية للكتاب

Publisher Location

ليبيا - تونس

قال ابن حيان: بويع علي بن حمود في باب السدة من قصر قرطبة يوم الاثنين لسبع بقين لمحرم سنة سبع وأربعمائة، ثاني اليوم الذي أدرك فيه بثأر هشام المؤيد؛ ولم يتخلف أحد عن بيعته، ووصلوا إليه على طبقاتهم، فكرم منازلهم، وأجمل خطابهم، وتسمى ليومه من الألقاب السلطانية بالناصر لدين الله: لقب قد سبقه إليه أبو أحمد بن المتوكل العباسي بالمشرق، وتبعه فيه أيضًا عبد الرحمن ابن محمد بهذا الأفق. ولما صارت لعلي بن حمود الخلافة تقدم من القهر للناس بالغلبة والإرهاب لهم بما خامر القلوب من هول سطوته، ولا سيما برابرة العسكر لما أحل بهم من الذل والقتل فدهشوا منه، وقادهم مديدة قود الإبل المخطوطة، وأعدى عليهم الخصوم، حتى صار أقل الرعية يرفع أعتاهم إلى الحكام بما شاء من وجوه الدعاوى فتجري عليهم الأحكام؛ فبرقت للعدل يومئذ بارقة خلب لم تكد تقد حتى خبت، وتبين أن البرابر أطوع خلق الله لمن أخافهم. وجلس علي بنفسه لمظالم الناس، وهو مفتوح الباب، مرفوع الحجاب، للوارد والصادر، يقيم الحدود مباشرًا بنفسه، لا يحاشي أحدًا من أكابر قومه. فانتشر أهل قرطبة

1 / 97