وقيامنا لنصرها وسخاؤنا بأنفسنا وأموالنا لاستنقاذها، لا ننوي إلا وجهه تعالى، وإلا فقد علم من عرفنا، وأيقن من أنصفنا، أننا كنا عيش هني، ولبب رخي، وعمل واسع، ومال وافر، وجند مطيع، وحصن منيع؛ وفي دون ذلك ما أقنع من عرف الدنيا بحقيقتها، وأجزأ من أنزلها منزلتها؛ وما كفى من لا يعدل بالسلامة ولا يبيع بالغبن، ولا يركب الأهوال، ولا يقتحم المهالك، مغررا بدمه، مخاطرا بنفسه، لحطام تافه، وظل زائل، ومتاع قليل، وانا لنرجو منه تعالى أنه لم ييسر ما يسر من آمالنا إلا عند اطلاعه على نيتنا فيها، فنحن بعين الله، ونواصينا بيده، والملك والأمر له.
وفي فصل: والشروط التي خططتها بيدك، وأردت معرفة رأينا بإمضائها، فإنها لعمر الله قليلة في استحقاقك، ولو اتسعت البلاد لأضعاف ما تليه، لكنت لذلك عندنا أهلا في كفايتك وضلاعتك وضبطك وحزمك. فأما الاعتماد عليك في الرأي والقصد إليك بالمشورة فهو الذي لا نعدوه بك ولا نجاوزه فيك، ونحن بذلك أحظى، والفائدة لنا فيه أعلى.
وقد أنفذنا كل ما دعوت إليه من تنفيذ سجلاتك على ما في يديك من الأعمال، واعتقدنا لك ولجميع أهل الصغور - حرسهم الله - الأيمان المنعقدة والأقسام المغلظة لا تدخل عليهم داخلة يكرهونها، ولا يكلفون كلفة يستثقلونها؛ ولا يخالف بهم طريقة يرضونها، ما سمعوا وأطاعوا.
وفي فصل: ووصيتك بأهل قرطبة وغيرهم مقبولة، ونصيحتك فيهم متبوعة، ولن يروا منا، ولن تسمع فيهم عنا، إلا كما يعجبك