فمَنْ لأمورِ المسلمين! هلا قلت كما قال جرير:
فلا هُوَ في الدُّنيا مُضِيعٌ نصِيبَه ... ولا غَرَضُ الدُّنيا عَنِ الدِّينِ شاغِلُه!
والمشهورُ في هذا المعنى قولُ الفاروق ﵁: اعمل لدُنياك كأنّك تعيشُ أبدًا واعمل لآخرتِك كأنّك تموتُ غدًا. . . وقال الشاعر:
ولله مِنِّي جانِبٌ لا أُضيعُهُ ... ولِلَّهْوِ مِنّي والخَلاعةِ جانِبُ
وسيمرُّ بكَ كثيرٌ من عبقرياتهم في هذا المعنى، في مواضعَ أخرى من هذا الكتاب.
الرجاء والجمع بينه وبين الخوف من الله
قال تعالى: في صفة المؤمنين: ﴿وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾، وقال حكيم: ارْجُ إذا خِفت وخَفْ إذا رجوت، وكُنْ كالمرأة الحامل ليس رجاؤُها أن تلدَ ولدًا ذكرًا بأكثرَ مِنْ خوفِها أن تلدَ أنثى. وقريب من هذا قولُ رجلٍ لابنه: خَفِ اللهَ خوفًا لا يمنعك من الرجاء، وارْجُه رجاءً لا يمنعك من الخوف، فالمؤمن له قلبان: يرجوه أحدُهما ويخافُه الآخرُ وقال:
أنا بينَ الرجاءِ والخوفِ منه ... واقِفٌ بين وَعْدِه والوَعيدِ
وقال أبو نواس:
لا تَحْظُرِ العَفْوَ إنْ كنتَ امْرَءًا حَرِجًا ... فإنَّ حَظْرَكَهُ بالدِّينِ إزْراءُ
وقال أيضًا:
يا كثيرَ الذَّنْبِ عَفْوُ اللهِ مِنْ ذَنْبِكَ أكْثَرْ
وقال: