127

Dhakhair

الذخائر والعبقريات

Publisher

مكتبة الثقافة الدينية

Publisher Location

مصر

Genres

وقدْ يَتَغابَى المَرْءُ عَنْ عُظْمِ مالِه ... ومِنْ تَحتِ بُرْدَيْه المُغيرَةُ أو عَمْرُو المغيرة: هو المغيرة بن شعبة، وعمرو: هو عمرو بن العاص وكانا من الدهاة. . . وقيل لبعضهم: ما الشّرف؟ فقال: الانخداع عن المالِ، ولا تجد أحدًا يتغافل عن مالِه إلا وجدْتَ له في قلبه فضيلةً لا تقدر على دفعها، وقد أدّبنا نبيُّنا ﷺ بقوله: (رحم الله سهلَ البيعِ سهلَ الشراء)، وهذا خلاف قول الناس: المَغبون غيرُ محمودٍ ولا مأجور، وقد قال ﷺ: (ألا أدلّكم على شيء يحبّه اللهُ ورسوله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: التَّغابُنُ للضعيف). . . ومما يُروى في هذا الباب ما أورده ابن خِلكان في ترجمة الوزير الخطير أبي الحسن علي بن الفرات وزير المقتدر بالله ابن المعتضد بالله العباسي - وكانت وفاته سنة ٣٢٧هـ وهو: أنّ رجلًا اتصلت عطلته، وانقطعت مادّتُه، فزوّر كتابًا من أبي الحسن بن الفرات إلى أبي زُنْبور المارِداني عامل مصر، يتضمّن الوَصاةَ به والتأكيدَ في الإقبال عليه والإحسان إليه، وخرج إلى مصر، فلقيَه به، فارتاب أبو زُنبور في أمره لتغيّر الخطاب على ما جرت به العادة، وكون الدعاء أكثرَ مما يقتضيه محلّه فراعاه مراعاةً قريبةً ووصلَه بصلةٍ قليلةٍ، واحتبسه عنده على وعدٍ وعده به وكتب إلى أبي الحسن بن الفرات يذكر الكتاب الوارد عليه، وأنفذه بعينه إليه، واستثبته فيه، فوقف ابن الفرات على الكتاب المزوّر، فوجد فيه ذكرَ الرجل وأنّه من ذوي الحرمات والحقوق الواجبة عليه، وعرضَه على كُتّابه وعرّفهم الصورة فيه وعَجِبَ إليهم منها وممّا أقدم عليه الرجل، وقال لهم: ما الرأيُ في أمر هذا الرجل عندكم؟! فقال بعضهم: تأديبه أو حبسُه، وقال آخر: قطع إبهامه لئلا يعاود مثل هذا، ولئلا يقتدي به غيرُه فيما هو

1 / 116