220

Dhayl Tārīkh Baghdād

ذيل تاريخ بغداد

Editor

مصطفى عبد القادر عطا

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

وقرأ الادب على أبي محمد بن الخشاب، وصحب جده أبا البركات اسماعيل شيخ الشيوخ فانتفع بصحبته، ولبس منه الخرقة، وتخلق بأخلاقه وتأدب بآدابه، وأخذ علم الحديث ومعرفته من ابن ناصر، وكان كثيرا يحكي عنه من الفوائد الحسنة والنكت الغريبة والمعاني الدقيقة، ومد الله له في العمر حتى حدث بجميع مروياته مرارا، وقصده طلاب العلم من سائر الاقطار، وكانت أوقاته محفوظة، وكلماته معدودة، فلا تمضي له ساعة الا في قراءة القرآن والذكر والتهجد وقراءة الناس، وكان يمنع الناس من التحديث منه أن يقام له، (و) (2) إذا حضر غيره أيضا فلا يقام (3) له، وكان كثير الحج والعمرة والمجاورة بمكة، وكان دائما على سجادته على طهارة مستقبل القبلة، يقرأ القرآن ليلا ونهارا، والمصحف في يده ينظر فيه، وإذا غلبه النوم نام على سجادته، وما استيقظ الا جدد وضوءا، ولا يخرج من منزله الا لحضور صلاة (4) الجمعة أو العيد أو جنازة أو زيارة صالح حي أو ميت أو حضور مجلس ذكر، ولم يكن يحضر دور أبناء الدنيا ولا أرباب المناصب في هناء ولا عزاء، وكان مديما للصيام في أكثر أوقاته مع

علو سنه، وكان يستعمل السنة في جميع أحواله: في مدخله ومخرجه وملبسه ومأكله ومشربه، ويحب الصالحين، ويقتفي بسيرة السلف عقدا وفعلا، ويعظم العلماء، ويستفيد من الكبير والصغير ويتواضع لجميع الناس وفي سائر أحواله، وكان دائما يقول: نسأل الله (أن) (5) يميتنا مسلمين ! وإذا دعا له أحد بطول البقاء قال: أسأل الله الوفاة على الاسلام، ويبكي.

وكان ظاهر الخشوع عند الذكر، غزير الدمعة عند قراءة القرآن والحديث وأخبار الصالحين.

Page 214