Dhahab Masbuk
الذهب المسبوك في وعظ الملوك
Genres
فقال رجاء بن حيوة: إن أردت النجاة غدا من عذاب الله فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك، ثم مت إذا شئت. إني لأقول لك هذا وإني لأخشى عليك أشد الخوف يوم القيامة، يوم تزل فيه الأقدام. فهل معك رحمك الله مثل هؤلاء. من يأمرك بمثل هذا؟: فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشي عليه، فقلت له أرفق بأمير المؤمنين، فقال يا ربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا، ثم أفاق فقال زدني يرحمك الله فقلت يا أمير المؤمنين بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكى إليه، فكتب إليه عمر: يا أخي أذكر طول قهر أهل النار في النار مع خلود الأبد. إن ذلك يطرد بك إلى الرب عز وجل نائما ويقظان. وإياك أن ينصرف بك من عند الله عز وجل فيكون آخر العهد بك ومنقطع الرجاء. قال فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز فقال له: ما أقدمك؟ قال: خلعت قلبي بكتابك لا وليت لك عملا حتى ألقى الله عز وجل.
قال: فبكى هارون بكاء شديدا ثم قال زدني يرحمك الله فقال يا أمير المؤمنين إن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أمرني على إمارة فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عباس يا عم محمد نفس تحييها خير من إمارة لا تحصيها. إن الأمارة حسرة وندامة يوم القيامة فإن استعطت ألا تكون أميرا فافعل.
قال فبكى هارون بكاء شديدا فقال زدني يرحمك الله، فقال يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فانظر وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لرعيتك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة،
قال فبكى هارون الرشيد بكاء شديدا ثم قال عليك دين؟ قال نعم دين لربي لم يحاسبني عليه فالويل لي إن سألني، والويل لي إن ناقشني، والويل لي إن لم ألهم حجتي، قال فقال إنما أعني دين العباد، قال: لا. عندي خير كثير لا أحتاج معه إلى ما في أيدي الناس.
قال أبو عمر: وكأنه يعني القرآن واليقين والدعاء في هذه الرواية قال فقال إن ربي عز وجل لم يأمرني بهذا أمرني أن أصدق وعده وان أطيع أمره فقال عز وجل: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق} فقال هذه ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك وتقو بها على عبادة ربك فقال سبحان الله: أنا أدلك على النجاة وتكافيني بمثل هذا سلمك الله ووفقك ثم صمت، فلم يكلمنا، فخرجنا من عنده، فلما صرنا على الباب قال لي هارون: يا عباس إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا. هذا سيد المسلمين اليوم.
Page 214