صَحّت. وهذا الإجماع مُسْتفاد بطريق التنصيص على ذلك من الأئمة المعتبرين، ومن طريق الإجماع العملي الذي عُلِم من حال الصحابة ﵃ من روايتهم عن النبي ﷺ أحاديثه الاعتقادية العلميَّة، والعمليَّة الإرادية، وتَلَقِّي بعضهم عن بعض. وقد كان الأَمر كذلك حتى حدثت المُشاقّة من قِبَل الطائفة الاعتزالية؛ التي منعت الاحتجاج بخبر الآحاد في أبواب الاعتقاد (^١)، ثم تبعها على ذلك طوائف من أَهل الكَلام، وغيرهم.
وممن نقل الإجماع على حُجّية خبر الآحاد في المسائل الخبرية العلميَّة والعملية = الإمام ابن عبد البر ﵀ حيث قال عن ما يدين به أهل الفقه والأثر جميعهم: (وكلُّهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعًا ودينًا في معتقده = على ذلك جميع أَهل السُّنة، ولهم في الأحكام ما ذكرنا) (^٢) .
وقال الإمام ابن تيمية ﵀: (مما اتفق عليه سَلفُ الأمةِ وأئمة الإسلام =أنَّ الخبرَ الصحيحَ مقبولٌ مُصدَّقٌ به في جميع أبواب العلم، لا يُفَرَّق بين المسائل العلميَّة (^٣) والخبرية، ولا يُردُّ الخَبَرُ في بابٍ من الأبواب؛ سواءً كانت أُصولًا، أَو فروعًا = بكونه خَبَر واحدٍ؛ فإن هذا من مُحدثاتِ أَهل البدع المخالفةِ للسُّنَّة والجَمَاعةِ ...) (^٤)
فإنْ اعترض معترض بأن الإجماع لو كان مُحْكمًا في هذا الباب = لما هاب الإمام الشافعي ﵀ القولَ به، وعدل إلى الاكتفاء بعدم مخالفة من علمهم من أَئمَّةِ الفِقْهِ في تَثْبيْتِ خَبَرِ الآحاد؛ حيث قال: (ولو جاز لأَحدٍ من النَّاس أن يقول في علم الخاصَّةِ = أَجمع المسلمون قديمًا