259

Dafʿ daʿwā al-muʿāraḍ al-ʿaqlī ʿan al-aḥādīth al-mutaʿalliqa bi-masāʾil al-iʿtiqād

دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

Publisher

مکتبة دار المنهاج

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٥ م

Publisher Location

للنشر والتوزيع - الملكة العربية السعودية الرياض

Genres

خطأ ما ذهب إليه النبي في اجتهاده؛ لأنهم لا يُقَرّون على خطأٍ أبدًا.
ثم؛ إن الدلائل الشرعية قد أبانت عن حصول التوبة منهم ﵈ عند صدور الخطأِ. ومن المعلوم بالبداهة أن التوبة والخطأ المتاب منه؛ كلاهما فعل صادر عن اختيارٍ؛ وإلاّ فكيف يتاب من عملٍ صدَر عن جبْرٍ لا عن اختيار؟!
قال سبحانه حاكيًا عن آدم ﵇: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ﴾ البقرة. وقال ﵎ حاكيًا عن خليله إبراهيم ﵇: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (٤١)﴾ إبراهيم.
وقال عن نبيه سليمان ﵇: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (٣٤) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥)﴾ ص. (^١)
فإذا كان الخطأ الصادر عن اجتهاد صادرًا عن قصد واختيار، لا جبْرٍ واضطرار فكذلك الحال بالنسبة لما يتعلق بالطاعات وفعلهم لها، وكذا المعاصي وتركهم إياها؛ فإن التَّرْكَ كان بامتناع منهم؛ كما قال تعالى في شأن يوسف ﵇: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ يوسف. فامتنع بإرادته عن مقارفة السوء؛ لرؤيته برهان ربه. فالامتناع من جهته، وتوفيقه لذلك، مع صَرْفِ السوء عنه؛ هو فضلٌ من الله، ولُطْفٌ برسوله ﵇: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف: ٢٤].
وهذا المعنى - أعني: ثبوت اختيار الأنبياء ﵈، وانتفاء الجبر عن أفعالهم مع تحقق العصمة لهم في الوقت نفسه - ظاهرٌ بيِّنٌ. وتكلُّف

(^١) انظر: رسالة في التوبة، للإمام ابن تيمية (١/ ٢٦٩ - ٢٧٠= ضمن جامع الرسائل) و: منهاج السنة (٣/ ٣٧٣)، و: مسائل من الفتاوى المصرية (المجموعة الرابعة / ٤١=ضمن جامع= =المسائل)

1 / 270