وفي سنة أربع وثلاثين تسلم السلطان نور الدين حصون حجة(1) وما إليها، والسبب في ذلك أن الأمير تاج الدين محمد بن الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة أراد أخذ كوكبان فعامل فيه(2) ودخله أصحابه، وكان في الحصن رتبة من الخيل والرجال فبادروهم، قبل أن يتثبتوا فيه، فقتل منهم جماعة، وبعضهم تردى في الحيد(3) فلما علم السلطان نور الدين بذلك وأن الأشراف قد نقضوا الصلح، خرج من زبيد(4) وقدم أمامه الأمير نجم الدين أحمد بن زكري، وسار نحو حجة في ستين ألفا، فاستولى على حجة والمخلافة(5) وحصونهما في يوم واحد وأخذ حصن منابر(6) وهو مما يلي تهامة(7) ، وكان للأشراف، وأخذ حصون جبع(1) جميعها ولاعتين(2)، وكان الأمير تاج الدين محمد بن يحيى بن حمزة في حصن الجاهلي بحجة، فخاف على نفسه فباع حصون المخلافة جميعها، ورجع السلطان نور الدين، وقد أخذ أكثر بلاد الأشراف، ثم وصل إلى السلطان بعد مدة فخر الدين جعفر بن أبي هاشم (3) والشيخ حسام الدين حاتم بن علي الجند (4) من جهة الأشراف، وسألوه المصافحة(5) فاسعدهم(6) إلى ذلك، وأرجع السلطان نور الدين إلى الأشراف بلادهم حجة وغيرها ورجع إلى تهامة(7).
وفي سنة خمس وثلاثين خرج السلطان نور الدين إلى مكة المشرفة، فخرج منها الجيش المصري هاربين إلى مصر، وكانت مكة في ذلك الوقت ميدان حرب بين صاحب مصر وبين السلطان نور الدين يخلف أحدهما الثاني فيها مرة بعد أخرى، وهلك الملك الكامل صاحب مصر لعله في سنة خمس وثلاثين وستمائة والله أعلم(8).
Page 79