الذي(1) حداني على التردد، ما أسمعه في ألسنة كثير من العامة من فضله وديانته، وأنه يثني على أهل البيت، وأنه سمع منه الثناء على الامام الجامع لخصال الفضل الطاهر، جم المفاخر، حائز شرف الأوائل والأواخر الداعي إلى سبيل رب العالمين المهدي لدين الله أمير المؤمنين علي بن محمد سلام الله عليه، وأنه لا يسمع منه القول في الجبر الذي هو مذهب القدرية فتتابعت إلي أخبار من جهات شتى أن الفقيه المذكور هو منشيء الكتاب ومبتديء الخطاب، وذكر المتكلمون بذلك، أن سبب ذلك، أن الفقيه العالم الفاضل الورع، الكامل القدر، المعروف بالفضل في العلم، والحجى، والدين، والتقى، والورع، والكرم، والزهادة، وإيثار الهدى على الضلالة والبدع والجد في العبادة، المخصوص من الله بألطاف خفية، واطلاع على شيء من أسرار العلوم الخصوصية، ذلك الفقيه الفاضل(2) جمال الدين محمد بن حسن الحسيني السودي -رضي الله عنه-، ونفع به لما دعا طائفة من أهل ناحيته إلى العدل والتوحيد الذي هو مذهب العترة الزكية(3) ومن تابعهم من علماء المعتزلة(4) والزيدية(1) المختصين من بين سائر الفرق باسم العدلية، وكان أولئك الذين دعاهم إلى قول المحققين(2) ممن يعتزي إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي -رضي الله عنه- في المسائل الفقهية، وينتحل في العلوم الأصولية، والدينية، بما لم يشتهر عن الإمام الشافعي أنه يعتقده، وينتخبه، ويعتمده، بل هو من أباطيل مقالات الجبرية(3)، وأضاليل اعتقادات الطائفة القدرية، ومن إضافة أفعال العباد، المحاسن، والقبائح، والطاعات، والمعاصي، وجميع الفضائح، إلى ربهم سبحانه الذي نفى عن نفسه ظلم العباد، وأخبر أنه لا يحب الفساد، واضاف في كتابه الكريم ظلم أنفسهم إليهم وتبرأ من ظلمهم في آيات عدة، وأنكره عليهم كقوله عزوجل{وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}[النحل: 118].
Page 117