Dawla Umawiyya Fi Sham
الدولة الأموية في الشام
Genres
وعاجل عبد الملك ابن الزبير ليضعف قوى الحجازيين المعنوية، فأرسل إليه الجيوش، وقد فعل ذلك عملا برأي الحجاج، فقال له: «إنك يا أمير المؤمنين متى تدع ابن الزبير يعمل فكره ويستجيش ويجمع أنصاره وتثوب إليه فلاله كان في ذلك قوة له، فأذن في معاجلته لي.» فأذن له.
16
العامل الثالث:
بخل ابن الزبير على أصحابه ورجاله، فتفرقوا عنه وتقربوا من الأمويين الذين أسرفوا في شراء دين الناس واجتذاب قلوبهم. وقد ذكر لنا عبد الملك أنه تغلب على ابن الزبير لخصال ثلاث استحكمت فيه، وهي: «عجب قد ملأه واستغناء برأيه وبخل التزمه، فلا يسود بها أبدا.»
17
والحقيقة التي نود تقريرها أن بخل ابن الزبير جعل الأحزاب العراقية وغيرها تتخلى عنه وتنضم إلى الأمويين. وقد ذكر لنا العقد الفريد أن الوفود الكوفية كانت تقدم عليه ولا تحظى بشيء من المال. قال : لما قتل المصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد خرج حاجا فقدم على أخيه عبد الله بن الزبير بمكة ومعه وجوه أهل العراق، فقال له: يا أمير المؤمنين، جئتك بوجوه أهل العراق، لم أدع لهم بها نظيرا لتعطيهم من هذا المال. قال: جئتني بعبيد أهل العراق لأعطيهم مال الله، والله لا فعلت. فلما دخلوا عليه وأخذوا مجالسهم قال لهم: يا أهل الكوفة، وددت والله أن لي بكم من أهل الشام صرف الدينار والدرهم بل لكل عشرة رجلا. قال عبيد الله بن ظبيان: أتدري يا أمير المؤمنين ما مثلنا ومثلك فيما ذكرت؟ قال: وما ذلك؟ قال: فإن مثلنا ومثلك ومثل أهل الشام كما قال أعشى بكر بن وائل:
علقتها عرضا وعلقت رجلا
غيري وعلق أخرى ذلك الرجل
أحببناك نحن، وأحببت أنت أهل الشام، وأحب أهل الشام عبد الملك. ثم انصرف القوم من عنده خائبين، فكاتبوا عبد الملك ابن مروان وغدروا بمصعب بن الزبير.
18
Unknown page