Dawla Umawiyya Fi Sham
الدولة الأموية في الشام
Genres
وكان هؤلاء النفر قد أبوا على معاوية الإجابة إلى بيعة يزيد حين دعا الناس إلى بيعته وأنه ولي عهده من بعده، ورأى مروان بن الحكم رأي يزيد في الشدة والحزم حتى لا يطمع طامع في بني أمية، فأشار على الوليد بن عتبة في المدينة قائلا: «أرى أن تبعث إلى هؤلاء ... فتدعوهم إلى البيعة والدخول في الطاعة، فإن فعلوا قبلت منهم وكففت عنهم، وإن أبوا قدمتهم فضربت أعناقهم قبل أن يعلموا بموت معاوية، فإنهم إن علموا بموت معاوية وثب كل امرئ منهم في جانب وأظهر الخلاف والمنابذة ودعا إلى نفسه ... أما ابن عمر فإني لا أراه يرى القتال ولا يحب أن يولى على الناس إلا أن يدفع إليه هذا الأمر عفوا.»
4
وقد أكد مروان ابن الحكم للوليد بن عتبة ضرورة استعمال الشدة مع الزعماء الذين لا يظهرون بيعتهم علنا، حتى إنه دعاه إلى الفتك بالحسين حينما أبى مبايعة يزيد، وأجاب «... فإن مثلي لا يعطي بيعته سرا، ولا أراك تجتزئ بها مني سرا دون أن تظهرها على رءوس الناس علانية ... فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحدا ...»
5
وعد مروان بن الحكم هذا الجواب دليلا على المماطلة والتبرم من الخضوع والاعتراف لبني أمية بالخلافة، لا سيما وأن الحسين لم يأت دار الإمارة في المدينة إلا ومعه مواليه وأهل بيته، ويروي لنا الطبري أنه قال لأصحابه لما انتهى إلى باب الوليد: «إني داخل، فإن دعوتكم أو سمعتم صوته قد علا فاقتحموا علي بأجمعكم، وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم»،
6
وهذا يبرهن لن جليا أن حبل الثقة كان قد انقطع بين الطرفين.
وتنص التصريحات التي أدلى بها الجانبان نصا صريحا على أن الفتنة آتية لا ريب فيها، وأن كلا من الحزبين قد أخذ يعد عدته ليناجز صاحبه الوقيعة، وأن الكلمة النهائية هي ليست للمفاوضات بل للسيف، ولما جبن الوليد أمام الحسين ولم يجبره على البيعة وترك أمامه السبل آمنة مطمئنة قال له مروان قوله المشهور: «والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه»،
7
وكان ضعف الوليد في عرف يزيد مدعاة لعزله عن منصبه. (2-4) مؤامرات الحزب العلوي في الكوفة
Unknown page