207

Dawla Umawiyya Fi Sham

الدولة الأموية في الشام

Genres

هذه وثائق ظاهرة بينة تشهد لنا أن العصبية فتت في عضد بني أمية وكانت من أعظم الأسباب التي أدت إلى سقوطهم. (ز) مقتل إبراهيم الإمام زعيم العباسيين

قبض مروان بن محمد على إبراهيم الإمام وأحضره إلى حران حينما كثرت شيعته وتعددت أحزابه، وكانت حران مركز مروان ومقامه، ثم أمر به فأعدم، ويذكر المؤرخون أنه سمه، فخاف أخواه السفاح والمنصور فهربا إلى الكوفة مع بعض خاصتهما، وأظهر السفاح بها الدعوة وخطب بالناس في المسجد الجامع وبويع بالخلافة سنة 132ه/749م، ووفدت عليه الزعماء من أطراف العراق تبايعه وتقدم خضوعها له، وندب عمه عبد الله بن علي لقتال مروان بن محمد، فترى مما تقدم أن العراق وخراسان أعلنتا خلع بني أمية. (ح) هزيمة مروان بن محمد في معركة الزاب

أما وقد خلعت كل من خراسان والعراق طاعة الأمويين؛ فلم يعد أمام مروان إلا مناجزة العباسيين الوقيعة الفاصلة، لعله يصدمهم صدمة توهن معنوياتهم، فجهز جيشا بلغ عدده نحوا من مائة وعشرين ألف مقاتل وزحف به نحو العراق فالتقى مع عبد الله بن علي على الزاب الكبير، فانهزم جيش مروان وغرق منه عدد وافر، وكان أصحاب مروان فاتري الهمة قد لعبت بهم الدعوة العباسية وأثر عليهم الذهب الفارسي فولوا هاربين جزعين، وبذل جهده ليثبت أقدامهم فعين لهم الأعطيات والرواتب فلم يفلح، وكانت الفوضى قد انتشرت في صفوفهم فما أطاعوا الأوامر التي أصدرها لهم زعمائهم ولا أعاروها اهتماما.

روى الفخري: «واشتد القتال فصار مروان إذا أمر طائفة من العسكر بشيء قالوا: قل للطائفة الأخرى، وبلغ من أمره أنه قال لصاحب شرطته: انزل إلى الأرض، فقال: والله لا ألقي نفسي في التهلكة، فقال له مروان: لأفعلن بك، وتهدده، فقال: وددت أنك تقدر على ذلك ... ولما رأى مروان فترة أصحابه وضع ذهبا كثيرا قدام الناس وقال: يا أيها الناس قاتلوا وهذا المال لكم، فصار الناس يمدون أيديهم إلى المال ويتناولون منه شيئا شيئا.»

24 (ط) الثورة في سورية

مضى مروان بعد هزيمته إلى الموصل فحران فالشام، فوثب عليه أهل حمص ودمشق والأردن وفلسطين وأعملوا السيف في جنده وانتهبوا أمواله وذخائره، وكان بعد انكساره يستقري مدنهم ويستنهض هممهم فيروغون عنه ويهابون الحرب ويودون الخلاص منه، ولا غرابة في ذلك؛ فإن الشام كانت قد ملت الفوضى والقتال وزهدت في مساعدة الخلفاء الأمويين المترفين الذين لا يهوون إلا إشباع مطامعهم واتباع ملذاتهم الشخصية.

فكر مروان مرارا بطلب النجدة والمعونة من البيزنطيين تجاه هذه الضائقة الشديدة التي نزلت به، عله يسترجع ما فقده من السطوة والسلطان، فمنعه من ذلك أنصاره المخلصون وأشاروا عليه بالذهاب إلى مصر الغنية فيجمع شمله ويجعل الشام هدفه وإفريقية حصنه وموئله، وقد جادل مروان بن محمد إسماعيل بن عبد الله القسري في هذا الموضوع، وحفظ لنا الدينوري أقوالهما:

قال مروان - يخاطب إسماعيل بن عبد الله القسري: «أجمعت على أن أرتحل بأهلي وولدي وخاصة أهل بيتي ومن اتبعني من أصحابي حتى أقطع الدرب وأصير إلى ملك الروم فأستوثق منه بالأمان، ولا يزال يأتيني الخائف والهارب من أهل بيتي وجنودي حتى يكثف أمري وأصيب قوة على محاربة عدوي.»

فقال إسماعيل بن عبد الله القسري لمروان: «أعيذك بالله أن تحكم أهل الشرك في نفسك وحرمك؛ لأن الروم لا وفاء لهم، ثم إن الرأي عندي أن تقطع الفرات وتستقري مدن الشام مدينة مدينة، فإن لك بكل مدينة صنائع ونصحاء، وتضمهم جميعا إليك، وتسير حتى تنزل ببلاد مصر، فهي أكثر أهل الأرض مالا وخيلا ورجالا، فتجعل الشام أمامك وإفريقية خلفك، فإن رأيت ما تحب انصرفت إلى الشام وإن تكن الأخرى اتسع لك الهرب نحو أفريقية فإنها أرض واسعة نائية منفردة.»

25 (ي) مقتل مروان الثاني في مصر

Unknown page