Dawla Umawiyya Fi Sham
الدولة الأموية في الشام
Genres
كثر عدد المرشحين للخلافة حينما اضطرب حبل بني أمية، وكان الفرس يساعدون هؤلاء المرشحين في كل مكان ليقف الأمويون تجاههم موقف الحائر المرتبك الذي لا يعرف كيف يتخلص من ضائقته إذا نزلت به واستحكمت حلقاتها.
ومن المهم أن نقر أن هؤلاء الفرس متى قضوا لبانتهم من الرجال الذين يخدمون آراءهم ومصالحهم رموهم جانبا وانتبذوهم قصيا، ولو أجلت نظرك في الديار العراقية - مركز الدعوة الفارسية وحصنها الحصين في أواخر القرن الأول وبدء القرن الثاني للهجرة - لرأيت الفرس يمدون أبناء الرسول من جهة ويعينون أبناء العباس من جهة أخرى، وبعبارة أتم كانوا يشجعون العباسيين والعلويين على طلب الخلافة وإشعال نيران الثورة، إنهم لم يكتفوا بذلك، بل بذلوا الأموال الطائلة في إنماء قوى الأباضية الخوارج وغيرهم؛ حتى تئن البلاد من ثقل الحكم الأموي وتشعر بوطئته الشديدة، والغريب أنهم كانوا يمنون جميع المرشحين بالخلافة، وهم عن كثب يراقبون سير هذه الحركات وتدرجها ونموها ليشدوا أزر القوية منها. (أ) جعفر الطيار
وكان من الذين يتطلعون إلى الاستيلاء على عرش الخلافة شاب يدعى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب «الطيار»، وعرف بفضله واشتهر بتقاه وشجاعته، فبث الفرس دعوته في الكوفة - والكوفة كما علمنا سوق الدعوات ومركز المؤامرات - بعد مقتل زيد، وذلك في عهد مروان بن محمد، فالتف حوله فئة كبيرة منهم، فنازلهم الأمويون وأجبروهم على الانسحاب إلى المدائن، ثم عبروا دجلة وتوجهوا إلى بلاد العجم فغلبوا على همدان وأصفهان وجوارهما، ولما قويت الدعوة العباسية في فارس قاومت أنصار عبد الله وقتلت زعيمهم فقضي على مرشحي آل البيت للمرة الثانية.
5 (3-3) الحركة الأباضية
لم يكن النزاع بين الفرس والعرب نزاعا سياسيا فحسب، بل كان نزاعا دينيا أيضا، فأراد الفرس أن يصبغوا الإسلامية بصبغة وثنية، ويلونوها بلون جديد ويبعثوا بها روحا جديدة توافق رغائبهم، ودعم الفرس مبادئهم بالقوة، فقالت فئة منهم - وكانت من دعاة العباسيين - بوجوب الترخيص للمسلمين في نساء بعضهم البعض، وهذه هي الإباحية الأولى التي لا تحترم سنن الزواج الثابتة ولا تقرها، وهي التي نفاها الإسلام بنصوصه الصريحة في القرآن والحديث، وتعرف تلك المبادئ بالمبادئ الخرمية.
6
أما الأباضية فهم فرقة من الخوارج ثارت في أيام مروان بن محمد بمكة واليمن، وكان زعيمها عبد الله بن أباض، وتقول مبادؤهم بوجوب قتال الخليفة الأموي؛ لأنه خليفة باغ مسيطر على الإسلام بغير حق، ولهم آراء دينية تختلف عن آراء أهل السنة، وهي متأثرة من التعاليم والأفكار الفارسية، وإليك أهمها: (1)
المخالفون من أهل القبلة كفار غير مشركين. (2)
مناكحة أهل القبلة جائزة وموارثتهم حلال. (3)
غنيمة أموال أهل القبلة من السلاح والكراع عند الحرب حلال وما سواه حرام. (4)
Unknown page