Dawla Umawiyya Fi Sham

Anis Zakariya Nusuli d. 1357 AH
197

Dawla Umawiyya Fi Sham

الدولة الأموية في الشام

Genres

2

ولو تأملنا في مبادئ الزيدية لتحققنا أن الفرس سعوا لأن يكون زعماء هذه الحركة جماعة من آل البيت نظرا للمكانة الرفيعة التي لهم في قلوب المسلمين، وكلنا يعلم أن المسلمين عموما يحبون آل البيت المطهرين ويعترفون لهم بالأفضلية والمقام الرفيع، وقد تمكن الفرس بهذه الوسيلة من أن يجعلوا الخلل يتسرب إلى نفوس الأمة، لا سيما وأن الأموال كانت دوما تدعم دعوتهم وأهل نصرتهم.

وكان زعماء آل البيت ضعافا، فظلوا تحت تأثير المورفين الفارسي والأفكار الفارسية؛ ولذلك لم تكن لهم الكلمة العليا في تدبير الأمور وترتيب الخطط وتنظيم الأسباب في الحركات التي قاموا بها.

ونعتقد أن زيدا زعيم هذه الحركة لم ينجح لأمرين: الأول لأنه لم يكن من أولئك الزعماء الضعفاء الذين وصفناهم، فلم يستسلم للفرس سياسيا ولم يرم بنفسه في أحضانهم، بل سعى سعيا متواصلا لأن يكون زعيما حقا يتمتع بكل نفوذ وسلطان، وهذا ينافي الخطة التي درج عليها الفرس، فدعوا جماعته للتخلي عنه في أحرج الأوقات وأشدها خطرا.

ولما كانت الشيعة تكره الشيخين أبا بكر وعمر، وكان زيد لا يحض على بغضهما لقربهما من الرسول ولبلائهما الحسن في الإسلام أخذ الفرس يبذلون جهدهم للتخلص منه ولانتخاب زعيم يصلح صلاحا تاما لخدمة مآربهم، فجادلوه فيهما وأحبوا استطلاع رأيه ونشره كيما يتفرق عنه الشيعة، فصرح مرة أنه تجوز إمامة المفضول مع قيام الأفضل، وسألوه التفصيل فأجاب: «كان علي بن أبي طالب أفضل الصحابة، إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحة رأوها وقاعدة دينية راعوها من تسكين ثائرة الفتنة وتطبيب قلوب العامة، فإن عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة كان قريبا وسيف أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عن دماء المشركين من قريش لم يجف بعد، والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي، فما كانت القلوب تميل إليه كل الميل ولا تنقاد له الرقاب كل الانقياد، وكانت المصلحة أن يكون القيام بهذا الشأن من عرفوه باللين والتودد والتقدم بالسن والسبق في الإسلام والقرب من رسول الله، ألا ترى أنه لما أراد في مرضه الذي مات فيه تقليد الأمر عمر بن الخطاب زعق الناس وقالوا لقد وليت علينا فظا غليظا، فما كانوا يرضون بأمير المؤمنين عمر لشدة وصلابة وغلظ له في الدين وفظاظة على الأعداء حتى سكنهم أبو بكر.

وكذلك يجوز أن يكون المفضول إماما والأفضل قائم فيرجع إليه في الأحكام ويحكم بحكمه في القضايا»،

3

هذا ما دعا الشيعة ومنهم قوام حزبه المعروفين بالزيدية - نسبة له - لأن يرفضوه.

أما الأمر الثاني فهو قيام هذه الحركة في غير أوانها، فكانت دولة بني أمية أيام هشام بن عبد الملك قوية الشأن عظيمة السلطان منظمة الجيوش سريعة البطش والعقاب، فجهز إليه حاكم العراق الأموي يوسف بن عمر الثقفي جيشا قويا واحتاط لنزاله، فالتقى به بكناسة الكوفة، وكان جيش زيد يتألف من أربعة عشر ألف مقاتل على وجه التقريب، فسرت دعوة الفرس هذه، فتخلت عنه الشيعة في الساعة الأخيرة كما تخلوا عن جده الحسين وهو في أشد الحاجة إليهم، فهزم بعد أن ثبت ثباتا يدعو إلى الإعجاب ثم قتل، وأمر به يوسف بن عمر فصلب وأحرق وذري رماده في الفرات.

4 (3-2) الحركة الجعفرية

Unknown page