Dawla Umawiyya Fi Sham

Anis Zakariya Nusuli d. 1357 AH
189

Dawla Umawiyya Fi Sham

الدولة الأموية في الشام

Genres

أما أشهر المغنيات في العصر الأموي فكانت سلامة القس، وهي مولدة من مولدات المدينة، وقد أخذت أصول الغناء عن معبد وابن عائشة وجميلة فمهرت، وأصبحت يشار إليها بالبنان، وسميت سلامة القس؛ لأن عبد الرحمن بن أبي عمار الجشمي أحد قراء المدينة شغف بها، وكان يلقب بالقس لتقاه وورعه، فغلب عليها لقبه، واشتراها يزيد الثاني ابن عبد الملك حينما وفد إلى المدينة في خلافة سليمان ففتن بها، والحقيقة أن أهل المدينة ودعوها وداعا حافلا لما أرادت الرحيل إلى البلاط الأموي في دمشق، قال أبو الفرج يصف هذا الوداع المؤثر: «قدمت رسل يزيد بن عبد الملك المدينة فاشتروا سلامة المغنية من آل رمانة بعشرين ألف دينار، فلما خرجت من ملك أهلها طلبوا إلى الرسل أن يتركوها عندهم أياما ليجهزوها بما يشبهها من حلي وثياب وطيب ... فقالت لهم الرسل هذا كله معنا ... وشيعها الخلق من أهل المدينة ... وأذن للناس عليها فانقضوا حتى ملئوا رحبة القصر ... فوقفت بينهم ومعها العود فغنتهم القصيدة التي مطلعها:

فارقوني وقد علمت يقينا

ما لمن ذاق ميتة من إياب

فلم تزل تردد هذا الصوت حتى راحت، وانتحب الناس بالبكاء عند ركوبها، فما شئت أن أرى باكيا إلا رأيته»

22

وإذا قلنا: إن سلامة كانت نجمة متألقة في سماء الفن في الحجاز والشام فلا نكون مبالغين، ودليلنا على ذلك أن الشعب كان يحبها حبا جما ويهوى سماع غنائها، وكانت تمتاز بجمالها ورخامة صوتها وحسن شعرها.

وعرف طويس المغني مولى بني مخزوم بجودة غنائه، «وطويس» لقب غلب عليه، واسمه عيسى بن عبد الله، وكان يجيد النقر على الدف، عالما بأحوال المدينة وأنساب أهلها، والغريب من أمره أنه كان يهوى كيد سكان يثرب، فطلب عثراتهم وفضائحهم لينشرها بين الناس فخافوه وأكرموه.

ويقال: إن ولاة الأمويين ودوا مجالسته والاستماع لإنشاده وحديثه، خصوصا أبان بن عثمان حاكم المدينة على عهد عبد الملك بن مروان، ووصفه أبو الفرج بإسناده فقال: «كان مفرطا في طوله مضطربا في خلقه أحول»،

23

وقد توفي في خلافة الوليد الأول.

Unknown page