69

David Copperfield

ديفيد كوبرفيلد: أعدتها للأطفال أليس إف جاكسون

Genres

أخذ ديفيد ينظر حوله بعناية في مدينة يارمث بحثا عن وجه باركس المألوف؛ لكن رجلا عجوزا لطيف المنظر قصير القامة ذا ملابس سوداء أقبل ينفخ دخان سيجاره في نافذة العربة، وسأله قائلا: «السيد كوبرفيلد؟» «نعم يا سيدي.»

قال الرجل وهو يفتح باب العربة: «هلا تتفضل بالمجيء معي يا سيدي الصغير، إذا سمحت، وسأنال شرف إيصالك إلى المنزل.»

ورحل معه ديفيد، وهو يتساءل عمن عساه يكون، إلى محل مكتوب عليه «أومر، تاجر ملابس وخردوات، خياط، مجهز جنازات ... إلخ.»

أخذه السيد أومر إلى هناك ليقيس له بدلة للحداد، ثم بعد ذلك أخذه إلى قرية بلاندستن.

احتضنته بيجوتي بين ذراعيها قبل أن يصل إلى الباب، وأدخلته إلى المنزل. حيث بكت بكاء مريرا، وكانت تتكلم في همس، وتسير برفق، وكأنما تخشى أن تزعج الموتى. وكان الرضيع الصغير قد مات هو الآخر، ووضعوه بين ذراعي أمه.

لم يبال السيد ميردستون بديفيد عندما دخل إلى الردهة، وإنما ظل جالسا بجوار المدفأة وعيناه محمرتان. ناولته الآنسة ميردستون أظافر أصابعها ليصافحها - حيث كانت منهمكة للغاية في كتابة بعض الرسائل - وسألته بهمسة حديدية إن كان الخياط قد أخذ مقاسه من أجل بدلة الحداد.

وقد ظلت تكتب طوال اليوم، ويبدو أنها كانت تستمتع بصرامتها وقوة عقلها؛ كما أنها لم ترخ قط عضلة واحدة من عضلات وجهها، ولا لطفت نبرة صوتها مرة واحدة.

كان السيد ميردستون يتناول كتابا بين الحين والآخر ليقرأه، لكنه يظل ساعة كاملة من دون أن يقلب منه ورقة، ثم يضعه في مكانه، ويسير في اضطراب ذهابا وإيابا.

وفي تلك الأيام السابقة على الجنازة لم ير ديفيد بيجوتي إلا قليلا؛ لكنها كانت تأتي إليه دائما في المساء وتجلس إلى جوار سريره حتى ينام.

وبعد يوم الجنازة - ذلك اليوم الحزين الذي لم ينسه ديفيد أبدا - صعدت معه إلى غرفته الصغيرة، وجلست معه على سريره الصغير، وأخبرته - وهي ممسكة بيده - بكل ما يريد سماعه.

Unknown page