والقدس تحيز إلى حصن الأكراد فتوفي به رحمه الله تعالى في شهر رجب عن بضع وسبعين سنة انتهى. وقال الصلاح الصفدي في حرف السين المهملة: سنجر الأمير الكبير العالم المحدث أبو موسى الدواداري ولد سنة نيف وعشرين وستمائه وتوفي رحمه الله تعالى سنة تسع وتسعين وستمائه وقدم من الترك في حدود سنة اربعين وستمائه وكان مليح الشكل مهيبا كبير الوجه خفيف اللحيه صغير العينين ربعه من الرجال حسن الخلق والخلق فارسا شجاعا دينا خيرا عالما فاضلا مليح الخط حافظا لكتاب الله تعالى قرأ القرآن على الشيخ نجيب الدلاصي وغيره وحفظ الإشارة في الفقه للشيخ سليم الرازي١ وحصل له عناية بالحديث وسماعه سنة بضع وخمسين وسمع الكثير وكتب بخطه وحصل الأصول وخرج له المزي جزءين عوالي وخرج له البرزالي معجما في أربعة عشر جزءا وخرج له ابن الظاهري قبل ذلك معجما.
سار بكسوة البيت الشريف بعد أن أخذ بغداد من الديار المصرية وقبل ذلك كان نائبها الاستادار من الخليفة وحج مرة هو واثنان من مصر على الهجن وكان من الاسرى في أيام الظاهر ثم أعطى امرية بحلب ثم قدم دمشق وولي الشدمرة ثم كان من أصحاب سنقر الأشقر ثم أمسك ثم أعيد إلى رتبته وأكثر ثم أعطى خبزا وتقدمة على الالف وتقلبت به الاحوال وعلت رتبته في دولة الملك المنصور حسام الدين لاشين٢ وقدمه على الجيش في غزوة سيس وكان لطيفا مع أهل الصلاح والحديث يتواضع لهم ويحادثهم ويؤانسهم ويصلهم وله معروف كثير وأوقاف بدمشق والقدس وكان مجلسه عامرا بالعلماء والشعراء والأعيان وسمع الكثير بمصر والشام والحجاز وروي عن الزكي عبد العظيم٣ والرشيد العطار وابن عبد السلام٤ والكمال
_________
١ شذرات الذهب ٣: ٢٧٥.
٢ شذرات الذهب ٥: ٤٤.
٣ شذرات الذهب ٥: ٤٤.
٤ شذرات الذهب ٥: ٣٠١.
1 / 50