Daqāʾiq al-tafsīr
دقائق التفسير
Editor
د. محمد السيد الجليند
Publisher
مؤسسة علوم القرآن
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٤
Publisher Location
دمشق
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
سُورَة غَافِر
فصل
قَوْله تَعَالَى ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم﴾
سُئِلَ شيخ الْإِسْلَام فَقيل لَهُ
قَوْله إِذا جف الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن فَمَا معنى قَوْله ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم﴾ وَإِن كَانَ الدُّعَاء أَيْضا مِمَّا هُوَ كَائِن فَمَا فَائِدَة الْأَمر بِهِ وَلَا بُد من وُقُوعه
فَيُقَال الدُّعَاء فِي اقتضائه الْإِجَابَة كَسَائِر الْأَعْمَال الصَّالِحَة فِي اقتضائها الإثابة وكسائر الْأَسْبَاب فِي اقتضائه المسببات وَمن قَالَ إِن الدُّعَاء عَلامَة وَدلَالَة مَحْضَة على حُصُول الْمَطْلُوب المسؤول لَيْسَ بِسَبَب أَو هُوَ عبَادَة مَحْضَة لَا أثر لَهُ فِي حُصُول الْمَطْلُوب وجودا وَلَا عدما بل مَا يحصل بِالدُّعَاءِ يحصل بِدُونِهِ فهما قَولَانِ ضعيفان فَإِن الله علق الْإِجَابَة بِهِ تَعْلِيق الْمُسَبّب بِالسَّبَبِ كَقَوْلِه ﴿وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم﴾ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ
مَا من مُسلم يَدْعُو الله بدعوة لَيْسَ فِيهَا إِثْم وَلَا قطيعة رحم إِلَّا أعطَاهُ بهَا إِحْدَى خِصَال ثَلَاث إِمَّا أَن يعجل لَهُ دَعوته وَإِمَّا أَن يدّخر لَهُ من الْخَيْر مثلهَا وَإِمَّا أَن يصرف عَنهُ من الشَّرّ مثلهَا قَالُوا يَا رَسُول الله إِذا نكثر قَالَ الله أَكثر فعلق العطايا بِالدُّعَاءِ تَعْلِيق الْوَعْد وَالْجَزَاء بِالْعَمَلِ الْمَأْمُور بِهِ وَقَالَ عمر بن الْخطاب إِنِّي لَا أحمل هم الْإِجَابَة وَإِنَّمَا أحمل هم الدُّعَاء فَإِذا ألهمت الدُّعَاء فَإِن الْإِجَابَة مَعَه وأمثال ذَلِك كثير
وَأَيْضًا فالواقع الْمَشْهُود يدل على ذَلِك وَبَينه كَمَا يدل على ذَلِك مثله فِي سَائِر أَسبَاب وَقد أخبر سُبْحَانَهُ من ذَلِك مَا أخبر بِهِ فِي مثل قَوْله ﴿وَلَقَد نادانا نوح فلنعم المجيبون﴾ وَقَوله تَعَالَى
2 / 517