152

Daqaiq Tafsir

دقائق التفسير

Investigator

د. محمد السيد الجليند

Publisher

مؤسسة علوم القرآن

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٤

Publisher Location

دمشق

وَكَثِيرًا مَا يستغيث الرجل بشيخه الْحَيّ أَو الْمَيِّت فيأتونه فِي صُورَة ذَلِك الشَّيْخ وَقد يخلصونه مِمَّا يكره فَلَا يشك أَن الشَّيْخ نَفسه جَاءَهُ أَو أَن ملكا تصور بصورته وجاءه وَلَا يعلم أَن ذَلِك الَّذِي تمثل إِنَّمَا هُوَ الشَّيْطَان لما أشرك بِاللَّه أضلته الشَّيَاطِين وَالْمَلَائِكَة لَا تجيب مُشْركًا وَتارَة يأْتونَ إِلَى من هُوَ خَال فِي الْبَريَّة وَقد يكون ملكا أَو أَمِيرا كَبِيرا وَيكون كَافِرًا وَقد انْقَطع عَن أَصْحَابه وعطش وَخَافَ الْمَوْت فيأتيه فِي صُورَة إنسي ويسقيه ويدعوه إِلَى الْإِسْلَام ويتوبه فَيسلم على يَدَيْهِ ويطعمه ويدله على الطَّرِيق وَيَقُول من أَنْت فَيَقُول أَنا فلَان وَيكون فِي مَوضِع كَمَا جرى مثل هَذَا لي كنت فِي مصر فِي قلعتها وَجرى مثل هَذَا إِلَى كثير من التّرْك من نَاحيَة الْمشرق وَقَالَ لَهُ ذَلِك الشَّخْص أَنا ابْن تَيْمِية فَلم يشك ذَلِك الْأَمِير أَنِّي أَنا هُوَ وَأخْبر بذلك ملك ماردين وَأرْسل بذلك ملك ماردين إِلَى مصر رَسُولا وَكنت فِي الْحَبْس فاستعظموا ذَلِك وَأَنا لم أخرج من الْحَبْس وَلَكِن كَانَ هَذَا جنيا يحبنا فيصنع بِالتّرْكِ التتر مثل مَا كنت أصنع بهم لما جاؤوا إِلَى دمشق كنت أدعوهم إِلَى الْإِسْلَام فَإِذا نطق أحدهم بِالشَّهَادَتَيْنِ أطعمتهم مَا تيَسّر فَعمل مَعَهم مثل مَا كنت أعمل وَأَرَادَ بذلك إكرامي ليظن ذَاك أَنِّي أَنا الَّذِي فعلت ذَلِك قَالَ لي طَائِفَة من النَّاس فَلم لايجوز أَن يكون ملكا قلت لَا إِن الْملك لَا يكذب وَهَذَا قد قَالَ أَنا ابْن تَيْمِية وَهُوَ يعلم أَنه كَاذِب فِي ذَلِك وَكثير من النَّاس رأى من قَالَ إِنِّي أَن الْخضر وَإِنَّمَا كَانَ جنيا ثمَّ صَار من النَّاس من يكذب بِهَذِهِ الحكايات إنكارا لمَوْت الْخضر وَالَّذين قد عرفُوا صدقهَا يقطعون بحياة الْخضر وكل من الطَّائِفَتَيْنِ مخطىء فَإِن الَّذين رَأَوْا من قَالَ إِنِّي أَنا الْخضر هم كَثِيرُونَ صَادِقُونَ والحكايات متواترة لَكِن أخطؤوا فِي ظنهم أَنه الْخضر وَإِنَّمَا كَانَ جنيا وَلِهَذَا يجْرِي مثل هَذَا للْيَهُود وَالنَّصَارَى فكثيرا مَا يَأْتِيهم فِي كنائسهم من يَقُول أَنه الْخضر وَكَذَلِكَ الْيَهُود يَأْتِيهم فِي كنائسهم من يَقُول أَنه الْخضر وَفِي ذَلِك من الحكايات الصادقة مَا يضيق عَنهُ هَذَا الْموضع يبين صدق من رأى شخصا وَظن أَنه الْخضر وَأَنه غلط فِي ظَنّه أَنه الْخضر وَإِنَّمَا كَانَ جنيا وَقد يَقُول أَنا الْمَسِيح أَو مُوسَى أَو مُحَمَّد أَو أَبُو بكر أَو عمر اَوْ الشَّيْخ فلَان فَكل هَذَا قد وَقع وَالنَّبِيّ ﷺ قَالَ من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي حَقًا فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل فِي صُورَتي قَالَ ابْن عَبَّاس فِي صورته الَّتِي كَانَ عَلَيْهِ فِي حَيَاته وَهَذِه رُؤْيا فِي الْمَنَام وَأما فِي الْيَقَظَة فَمن ظن أَن أحدا من الْمَوْتَى يَجِيء بِنَفسِهِ للنَّاس عيَانًا قبل يَوْم الْقِيَامَة فَمن جَهله أَتَى وَمن هُنَا ضلت النَّصَارَى حَيْثُ اعتقدوا أَن الْمَسِيح بعد أَن صلب كَمَا يظنون أَنه أَتَى

2 / 142