Daqaiq Tafsir
دقائق التفسير
Investigator
د. محمد السيد الجليند
Publisher
مؤسسة علوم القرآن
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٤
Publisher Location
دمشق
حَتَّى يظنّ الْجَاهِل أَن هَذَا من جنس مَا ينزل على الْأَنْبِيَاء ويوحى إِلَيْهِم فَكَانَ مَا يبلغ الْعُقَلَاء وَمَا يرونه من سيرتهم وَالْكذب الْفَاحِش وَالظُّلم وَنَحْو ذَلِك يبين لَهُم أَنه لَيْسَ بِنَبِي إِذْ قد علمُوا أَن النَّبِي لَا يكون كَاذِبًا وَلَا فَاجِرًا
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي ﷺ لما قَالَ لَهُ ذُو الْخوَيْصِرَة اعْدِلْ يَا مُحَمَّد فَإنَّك لم تعدل فَقَالَ لَهُ النَّبِي ﷺ
لقد خبت وخسرت إِن لم أعدل أَلا تأمنوني وَأَنا أَمِين من فِي السَّمَاء وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة بِالْفَتْح أَي أَنْت خاسر خائب إِن لم أعدل إِن ظَنَنْت أَنِّي ظَالِم مَعَ اعتقادك أَنِّي نَبِي فَإنَّك تجوز أَن يكون الرَّسُول الَّذِي آمَنت بِهِ ظَالِما وَهَذَا خيبة وخسران فَإِن ذَلِك يُنَافِي النُّبُوَّة ويقدح فِيهَا
وَقد قَالَ تَعَالَى ﴿وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة﴾ سُورَة آل عمرَان ١٦١ وَفِيه قراءتان يغل ويغل أَي ينْسب إِلَى الْغلُول بَين سُبْحَانَهُ أَنه مَا لأحد أَن ينْسبهُ إِلَى الْغلُول كَمَا أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يغل فَدلَّ على أَن النَّبِي لَا يكون غالا
وَدَلَائِل هَذَا الأَصْل عَظِيمَة لَكِن مَعَ وُقُوع الذَّنب الَّذِي هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ ذَنْب وَقد لَا يكون ذَنبا من غَيره مَعَ تعقبه بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار لَا يقْدَح فِي كَون الرجل من المقربين السَّابِقين وَلَا الْأَبْرَار وَلَا يلْحقهُ بذلك وَعِيد فِي الْآخِرَة فضلا عَن أَن يَجعله من الْفجار
وَقد قَالَ تَعَالَى فِي عُمُوم وصف الْمُؤمنِينَ ﴿وَللَّه مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض ليجزي الَّذين أساؤوا بِمَا عمِلُوا وَيجْزِي الَّذين أَحْسنُوا بِالْحُسْنَى الَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم إِن رَبك وَاسع الْمَغْفِرَة﴾ سُورَة النَّجْم ٣١ ٣٢ وَقَالَ ﴿وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض أعدت لِلْمُتقين الَّذين يُنْفقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء والكاظمين الغيظ وَالْعَافِينَ عَن النَّاس وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم ذكرُوا الله فاستغفروا لذنوبهم وَمن يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله وَلم يصروا على مَا فعلوا وهم يعلمُونَ أُولَئِكَ جزاؤهم مغْفرَة من رَبهم وجنات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَنعم أجر العاملين﴾ سُورَة آل عمرَان ٣٣٣ ٣٣٦ وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ أُولَئِكَ هم المتقون لَهُم مَا يشاؤون عِنْد رَبهم ذَلِك جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ليكفر الله عَنْهُم أَسْوَأ الَّذِي عمِلُوا ويجزيهم أجرهم بِأَحْسَن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ﴾
2 / 119