فحثت زوجها على الإسراع بالفرار، ولكزت بطن الجواد تريد الهرب، فأوقفها ذلك الفارس الذي كأنه علم بغيتها ، فجعل يصيح: بربكما قفا ولا تهربا مني، لقد أضعتما حاجة نفيسة، وقد أتيت بها لأردها إليكما.
فاختلج سانت ليك عند سماعه لهذا الصوت وقال لامرأته: أتعرفين هذا الفارس؟ - كلا، لأني لا أراه، ولكن يخال لي أني أعرفه؛ لأن صوته شبيه بصوت الكونت دي باسي. - هو بعينه لنقف ريثما يحضر.
فوقفا وبعد هنيهة أقبل هذا الفارس وهو يقول باسما: لقد أضعت رسم زوجتك، يا سيدي ... ألا يسرك أن أعيده إليك؟
فصاح سانت ليك صيحة فرح، عندما تبين وجه الفارس وعلم أنه باسي.
فترجل الفارسان وتصافحا ... ثم دنا الكونت من زوجة سانت ليك يسلم عليها.
فقالت له باسمة: ألعلك قادم أيها الكونت من قبل الملك للقبض علينا؟ - أنت لا تجهلين يا سيدتي شدة كره الملك لي، فهو لا يعهد إلي بمثل هذه المهمة. - إذا، كيف كان اجتماعك بنا؟ - لم يكن إلا اتفاقا؛ لأني نزلت في أول فندق في هذه الطريق، فرأيت على المائدة رسمك، فسألت صاحب الفندق عنه فأخبرني بأنكما كنتما في فندقه، وقد غادرتماه منذ حين، فأخذت الرسم وأسرعت في المسير حتى لقيتكما. - وما الذي حملك على السفر؟ ... ألعلك مغضوب عليك مثلنا؟ - كلا يا سيدتي، بل إني ذاهب إلى ماريدور لقضاء بعض المهام.
فظهرت ملامح السرور على محيا الفتاة، وقالت: إذا ستكون رفيقنا على الطريق. - ذلك ما أبتهج له أشد الابتهاج، فإلى أين أنتما ذاهبان؟ - إلى قرية ماريدور أيضا.
فارتعش باسي لهذا الاسم وقال: لقد فهمت الآن، فإنكما تريدان الاختباء بهذه القرية الجميلة من وجه الملك كما تختبئ الحمامة بين الغصون من وجه الصياد ... فأهنئكما بما ستنالانه من الراحة والصفاء.
وكنت أود لو أني ارتكبت مثل جرمكما لأعيش مثلكما في هذه الغياض سعيدا كما أنتما سعيدان. - إن السعادة قريبة منك إذا أردت؛ لأن من أحب أن يكون سعيدا فليتزوج.
إن السعادة معقودة بالحب. - ذلك لا ريب فيه، ولكن حبا كحبكما لا يكون بين جميع الأزواج. - صدقت لأن هذا الهناء غير مطرد، ولكن من كان مثلك فهو يقاس عليه؛ لأنك محبوب من الجميع .
Unknown page