فقال موجيرون: إن هذا محال ، فإنه فرد وقد غادرناه وبصحبته فارسان. - ألا تسمع صوت سعاله الرنان؟
ولم تخطئ فراسة كاليس؛ لأن القادم كان الكونت دي باسي بعينه، وهو يسير على جواده الهوينى في هذا السبيل المخطر، لا يحفل بإنذار ولا يخشى مكيدة.
ولم يحله تحذير سانت ليك، بل أتى من الطريق نفسها التي أخبر عنها المتآمرين عند اجتماعه بهم في حفلة الزفاف، وفوق ذلك فإنه أنف من أن يصحب معه رفاقه لقلة اعتداده بأعدائه، ولفرط شجاعته التي بلغ بها حد الجنون.
وكان يقول في مجالسه: إني لست سوى شريف بسيط، ولكني أحمل بين جنبي فؤاد إمبراطور، وقد قرأت تاريخ أبطال الرومان، فلم أجد بينهم بطلا مشهورا حتى سرت على نهجه، وسبقته في جميع ما يفتخر به من الإقدام.
وكان هذا الكونت قد فكر بحديث سانت ليك، وأعاره حقه من الانتباه، غير أنه لم يكن يثق به لعلمه أنه من حزب الملك وخاصته وأشد المقربين إليه؛ ولذلك فإنه خشي أن يكون تحذيره إياه حيلة يريد إدخالها عليه بقصد تجربته والحط من شجاعته في عيون أخصامه، فأحب أن يؤيد هذه الشجاعة التي اشتهر بها ببرهان جديد.
فأطلق سراح أتباعه وأتى بنفسه على الخطة التي رسمها، وهو يعلم أن ما وراء هذا الإقدام غير الموت، غير أنه لم يعبأ بالهلاك في جانب حفظ سمعته من وصمة الأقاويل.
ولم يكد يبلغ بجواده الباب الذي كان فتحه رفيق الدوق دانجو، حتى أحاط به الخمسة الكامنون من كل صوب، وانقضوا عليه والسيوف مشهرة بأيديهم انقضاض الصواعق، وهم يصيحون: ليمت باسي! ليمت عدونا الألد!
فرجع باسي بجواده خطوة إلى الوراء، وجرد حسامه بمنتهى البسالة، وقال بصوت الساخر: إذا أنا هو ذلك الدب الذي كنتم تريدون صيده بأمر الملك، فطيبوا نفسا، إنكم ستنالون منه ما تشاءون، ولكن بعد أن ينال منكم ما يشاء.
فهجم عليه شومبرج وقال: ليكن ما تريد، ولكنك فارس ونحن على الأقدام، ومن العدل أن نتساوى.
ثم طعن صدر جواده بحسامه فخرق أحشاءه، فصاح الجواد صيحة منكرة وخر صريعا.
Unknown page