65

Dam Wa Cadala

الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر

Genres

إن ملتقى مونتمور هو أصل كل النوادي التي تأسست من بعده في المملكة، وفي إنجلترا، وفي هولندا، والتي تهدف مثلنا إلى النهوض بعلم الطبيعة وتحسين الفنون الحرة وعلم الميكانيكا. فوفقا للخطة التي وضعت هنا عام 1657، أو جزء منها، يجري هذا العمل في أماكن أخرى؛ من المؤكد أن منسق ملتقانا اللامع كان أول من شجع على الدراسات التي نضطلع بها والفضول لمعرفة المزيد عن خلق الرب، والرغبة في الارتقاء بمستوى اجتهاد البشر، وهما الفكرتان اللتان غفل عنهما كثير من رجال الفكر ومعظم رجال الأدب وكل رجال المنصب تقريبا حتى ذلك الحين.

4

وكتب الشاعر والناقد الفرنسي جون شابلان - بأسلوب مشابه - إلى صديقه فرانسوا بيرنييه الذي أصبح فيما بعد طبيبا للإمبراطور المغولي الهندي سيئ السمعة أورنكزيب. وعلق شابلان قائلا إن هناك «عددا كبيرا من سادة ديجبي وموراي وغيرهم من سادة الإنجليز ذوي النفوذ» كانوا يجتمعون في لندن على نحو مشابه لملتقى مونتمور. وبالإضافة إلى ذلك، أشار إلى أن الملك نفسه كان يدعم المشروع الإنجليزي وأن أعضاءه كلفوا بإجراء تجارب تساعد على اكتشاف العالم المادي وفهم العالم السماوي بدرجة أشمل. لقد كان يتحدث عن الجمعية الملكية المؤسسة حديثا.

عندما وصلت تلك الأفكار إلى شمال القنال الإنجليزي عم الشعور بالغضب. وثار أحد الأعضاء المؤسسين لهذه الجماعة الإنجليزية - وهو روبرت هوك - عندما علم تلك التصريحات وغضب من الادعاء بأن الإنجليز كانوا مجرد مقلدين للفرنسيين: «ذلك الكاتب مخطئ فيما يتعلق ببدايات الجمعية الملكية ونشأتها، وهو ما كان سيعرفها معرفة أفضل إن لاحظ ما قيل عنها. لكن ذلك - على ما يبدو - لم يكن يناسب نيته أن ينسب السبق للفرنسيين.»

5

إذن لم تقتصر المنافسة على النجاح منذ بداية البحث العلمي المنظم على المشاحنات بين أعضاء ناد أو ملتقى بعينه، بل كانت تزداد حدتها عندما يكون أطرافها أعضاء في مجموعات مختلفة، بل تحتدم إن كانت تلك المجموعات في بلاد مختلفة. ولما كانت البلاد المعنية هي إنجلترا وفرنسا فقد بلغت الخصومة منتهاها.

إلا أن الوقائع الفعلية أكثر تعقيدا؛ حيث قضى أحد أهم أعضاء المجتمع الإنجليزي هنري أولدنبرج بعض الوقت يتجول في فرنسا في منتصف خمسينيات القرن السابع عشر، ومن المؤكد أنه انضم إلى أكاديمية مونتمور قبل عودته إلى إنجلترا. وبما إنه أصبح عضوا مؤسسا في نادي العلوم الإنجليزي، فيبدو منطقيا أنه ساهم بأفكار عن أساليب العمل استمدها من تجربته في القارة الأوروبية.

نظرة جديدة للقوة

حتى ذلك الوقت كانت صراعات القوة في أوروبا تحت هيمنة الكنيسة والدين المنظم. وكان وضع أساس للعلوم المنهجية إحدى وسائل كسر قيود الماضي والتقدم نحو الأمام. وبينما أجبرت الفلسفة في السابق على الركوع أمام مذبح الكنيسة، تجرأ الناس في ذلك الوقت على تصور ما لا يمكن تصوره. فمنذ عهد الباحث والفيلسوف وعالم اللاهوت الإيطالي توما الأكويني، تبنت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية مذهب أرسطو. ومن ثم أصبحت تعاليم أرسطو على درجة من القداسة تقارب الإنجيل نفسه. كان التشكيك في الأفكار الراسخة لا يزال مكافئا للتشكيك في العقيدة، وقد علق كثيرون على الأوتاد وأحرقوا بسبب جريمة الهرطقة المشينة تلك. لكن ذلك لم يمنع أهل المغامرة من توسيع حدود المعرفة، لكنه أجبرهم على الحذر من الكنيسة للتأكد من أنهم لم يستنفدوا صبرها.

لا يعني هذا أن العلماء الأوائل أرادوا هجر الدين والكفر بالرب؛ بل العكس تماما. فقد كان كثيرون منهم شديدي الإيمان بالدين تحركهم الرغبة في نقل معرفتهم بالرب إلى العالم أجمع. فقد آمنوا بأن خدمة الرب على خير وجه كانت بالدراسة الدقيقة لخلقه.

Unknown page