Dam Wa Cadala
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
Genres
رد الدكتور ويليس - صديق لوور وزميله المدرس السابق - وهو ينتصب واقفا وينفض بعض الغبار من فوق عباءته الزرقاء: «لم أتناول مسألة نقل الدم في كتابي «التخمر».» كان متوسط الطول، يشوب شعره الأحمر القاني بعض الخصلات الرمادية، وكان يتلعثم في حديثه: «لكن لنفكر في العملية وننظر إذا ما أمكن ذلك. فالتخ... التخ... التخمر محور الوجود. وفهم التخمر ضروري لفهم أي عملية فسيولوجية، بما في ذلك حياة الدم وأثار نق... نقله من حيوان إلى آخر.
بالعودة إلى الأساسيات في بعض الوقت، نجد أن كل شيء يتكون من جسيمات صغيرة، ويمكن تقسيم هذه الجسيمات إلى خمس فئات. فهي إما روح أو كبريت أو ملح أو ماء أو تراب. ولغرض مناقشة اليوم سنركز على الطبيعة الملتهبة للجس...» توقف برهة وأخذ نفسا واستنطق الكلمة التالية: «للجسيمات الكبريتية، لأن هذه الجسيمات هي ما يتحكم فيما نسميه عرضا بالحرارة. فإن كانت الجسيمات الكبريتية في مادة تتحرك بسرعة، فستظهر عليها الحرارة. وإن زادت سرعتها فسيشتعل الجسم. أما عندما تتحرك ببطء فستنضج الم... المادة وتصبح «سائغة».»
استطرد ويليس في شرحه لنظريته عن تغير طبيعة المواد عندما تجتمع الجسيمات التي تنتمي لفئات مختلفة. فالملح قد يصبح متطايرا إن اختلط بالكبريت أو الروح، والملح نفسه يمكن معالجته إن اتصل بجسيم ترابي. إذن، وضح هذا التصور البدائي كيف يتغير لون الدم من الأزرق القاتم في الأوردة إلى الأحمر الزاهي في الشرايين. فالسبب كان «عملية تخمر» تختلط فيها الجسيمات الكبريتية في الدم بجسيمات الملح والروح لتنتج ملحا أكثر تطايرا. كانت هذه هي العملية التي تصبغ الدم بصبغة الحياة والطاقة والتمايز الفردي.
سأل ويليس وهو ينظر حوله ليرى إن كان يحظى باهتمام الحاضرين: «وأين يحدث هذا التخمر؟ في القلب، بالطبع، هذا العضو الن... النبيل الذي يعطي الدم الحياة والحرارة. ففي القلب يصنع الدم في عملية اختمار تكوين الدم الكبرى تلك. أدرك تماما أن أخصائي الفسيولوجيا والتشريح الإنجليزي جورج إنت يعتقد أن حرارة القلب سببها أن جسيمات ملح البارود في الهواء تذكي لهبا داخل ألياف القلب، وأن ديكارت قبل موته السابق لأوانه قد خلص إلى أن هذه الحرارة تنتقل إلى الدم. لكني أعتقد أن القلب هو الوعاء الذي يحتوي العملية وليس مصدر الحرارة ذاتها. وفي بطيني هذا العضو العظيم تتحرك الجسيمات الروحية والكبريتية لتملأ الدم بالحرارة؛ تلك الحرارة التي تنقل بعدئذ في مختلف أجزاء الجسم.»
سأل دوني قائلا: «وما التطبيقات العملية لهذه النظرية؟»
فاختتم ويليس بقوله إن النظرية أدت إلى فهم المرض من ناحية أن الأمراض التي تسبب الحمى هي التي يكون فيها التخمر زائدا وتكون فيها الجسيمات الكبريتية أو الروحية في حركة عنيفة. وبالطريقة نفسها التي ينظم بها صانع النبيذ الخبير عملية التخمر في برميل النبيذ الخشبي، يجب على الطبيب أن يكون قادرا على التحكم في التخمر الذي يحدث في دم مرضاه. وقال: «المطلوب هو الفهم الأشمل للطبيعة الكيميائية للد... للدم لكي نكون في وضع أفضل يسمح بالسيطرة على سلوكه.» وشعر بالارتياح بانتهائه من الحديث.
وتوقف عن الكلام بعدما لفت صوت صرير كرسي على الأرض انتباهه. وجاءت كلمات لوور الذي وقف: «أتذكر كتابك جيدا يا صديقي العزيز وأقر أنني حتى وقت قريب كانت لي الأفكار ذاتها. لكن كما قلت قبل قليل، لقد علمتني التجربة أن أفكر مرة أخرى؛ إذ إنه من الواضح لي أن طبيعة الدم لا تتغير في القلب، بل في الرئتين. فإن كان التخمر هو ما يتم، فهو يحدث في الرئتين بالتأكيد.» وأومأ بويل الجالس على يساره بحكمة قائلا: «إن الرئتين وليس القلب هما المكان الذي يتعرض فيه الدم للهواء ليتغير من اللون الوريدي القاتم إلى اللون الشرياني الزاهي. فإن كان التخمر هو ما يتم، فإنه يحدث في الرئتين.»
رد ويليس قائلا: «إنني على دراية تامة بتجاربك سيدي الفاضل، وأتابعها باهتمام. ربما تكون على صواب.» وأومأ كل منهما بابتسامة نحو الآخر.
فوائد نقل الدم
سأل أولدنبرج محركا وقائع الاجتماع: «هل لنا أن ننتقل من النظرية إلى التطبيق؟»
Unknown page