105

Dam Wa Cadala

الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر

Genres

كان التحرك ضروريا؛ وبسرعة. كان زملاء الجمعية الملكية بحاجة لشخص فقير بدرجة كافية ليجد في مبلغ صغير من المال إغراء كافيا للمشاركة في تجربتهم، لكن ليس فقيرا لدرجة عدم حصوله على تعليم؛ إذ كان الاحتمال أضعف في حالة الشخص غير المتعلم أن يعطيهم بيانا دقيقا بما يشعر به مع نقل الدم إليه، ومن ثم فلن يمكن تدوين سجل دقيق لأي من آثار العملية. كانوا بحاجة لشخص غير معتل بدنيا، حيث إن تلك العلة في حد ذاتها قد تفسد التجربة، إلا أنه لن يكون ممكنا رؤية أي آثار إيجابية في شخص سليم تماما.

وفي النهاية وجدوا شابا يعاني درجة طفيفة من الجنون. كان حاصلا على بكالوريوس اللاهوت من جامعة كامبريدج. اعتبرت حرارة مخه «مرتفعة قليلا»، كان يدعى آرثر كوجا وتحدد أجره ب 20 شلنا. مرة أخرى كان الحضور يثرثرون كعادتهم وكان قلم بيبيس يسجل:

21 نوفمبر 1667

خرجت وركبت العربة إلى أرونديل هاوس حيث انفض اجتماع كلية جريشام (الجمعية الملكية)؛ لكنني بعد أن قابلت السيد كريد هناك ذهبت معه إلى الخان الواقع في ساحة كنيسة سانت كليمنتس.

كانوا يتحدثون مثل غيرهم عن رجل مضطرب قليلا أشبه بقس، ويقول الدكتور ويلكنز إنه قرأ له في كنيسته، وأن هذا الرجل الفقير الفاسد الذي استعانت به كلية جريشام لقاء 20 شلنا سينقل إليه بعض الدم من خروف؛ ومن المقرر أن يتم ذلك السبت القادم. وقد اقترحوا أن ينقلوا إليه 12 أوقية؛ وهو ما قدروا أنه سيدخل إليه خلال فترة تحسب بالساعة. وهم يختلفون في رأيهم عن آثار العملية؛ إذ يرى البعض أنه سيكون لها أثر جيد عليه بصفته مضطربا بتبريدها لدمه، بينما يرى البعض الآخر أنها لن تؤثر إطلاقا. لكن الرجل يتمتع بالصحة، وبهذا سيكون قادرا على التحدث عن أي تغيير يجده في نفسه إن وجد، وهو ما قد يكون مفيدا ...

وبدون توقف، انتقل بيبيس إلى ظروف أخرى كانت موضعا للنقاش بينما جلسوا في الخان. وتكشف المفارقة عن مسار تفكيرهم؛ فقد كانت الأسئلة التي خطرت بأذهانهم أقل ارتباطا بأي بيانات علمية عن الدم، بل انصب اهتمامهم على أمور أكثر روحانية وغموضا. فقد كان الاعتقاد العام أن أي سائل ينشأ عن الإنسان يجب أن يصطبغ بروحه. وإن دخل إلى إنسان آخر، فهم يتوقعون ظهور أثر ما على روح المتلقي:

وبهذه المناسبة روى الدكتور ويسلر قصة جميلة حكتها مافت - وهي مؤلفة جيدة - عن الدكتور كايوس الذي أنشأ كلية كي. تقول القصة أنه حين تقدم به العمر، كان يعيش في تلك الفترة على لبن النساء وحده، وكان يتناول لبن سيدة حانقة عبوس ، فكان هذا حاله أيضا؛ وبعدها نصح بتناول لبن امرأة حليمة جيدة الطباع، فصار كذلك هو الآخر، وهو ما يختلف عن الطباع المعتادة لسنه. وهكذا لاحظوا أن وفرة التغذية قد تؤدي الغرض.

وفي 23 نوفمبر 1667، وقف لوور وكينج أمام الأعضاء الذين وقع عليهم الاختيار من الجمعية الملكية في أرونديل هاوس. وكان هدفهم هو مواكبة دوني ونقل الدم إلى البشر. ووصف أولدنبرج التجربة ونشر التفاصيل في عدد دورية «مداولات فلسفية» الصادر في 6 ديسمبر 1667:

عن تجربة نقل الدم، التي أجريت على رجل في لندن

أجريت هذه التجربة في 23 نوفمبر 1667، على السيد آرثر كوجا في أرونديل هاوس بحضور عديد من الوجهاء والنبهاء وتحت إشراف الطبيبين العالميين واختصاصي التشريح البارعين الدكتور ريتشارد لوور ودكتور إدموند كينج، وقد ألقى الثاني البيان التالي للتجربة:

Unknown page