Dalalat Shakl
دلالة الشكل: دراسة في الإستطيقا الشكلية وقراءة في كتاب الفن
Genres
، ويخلص منه إلى نتيجة مفادها أن الحالات الذهنية الخيرة هي وحدها خير كغاية في ذاتها، ويترتب على ذلك أن علينا لكي نبرر أي نشاط إنساني تبريرا أخلاقيا أن نتساءل: هل هذا النشاط هو وسيلة إلى حالات ذهنية خيرة؟ أما في حالة الفن فإن جوابنا سيكون فوريا وقائما على خبرة وجدانية حقيقية؛ فالفن ليس فقط وسيلة إلى حالات ذهنية خيرة، بل ربما يكون أقوى الوسائل التي في حوزتنا وأكثرها مباشرة، إنه أكثرها مباشرة لأنه لا شيء أسرع منه تأثيرا في الذهن، وأكثرها قوة لأنه لا توجد حالة ذهنية أكثر امتيازا وشدة من حالة التأمل الإستطيقي، وأنت حين تعد أي شيء عملا فنيا فإنك إذن تقيم حكما أخلاقيا خطيرا؛ لأنك بذلك تعده وسيلة إلى الخير مباشرة وفعالة بحيث لا يعوزنا أن نكرث أنفسنا بأي شيء من نتائجه المحتملة، وحتى لو لم يكن الأمر كذلك، فإن عادة إقحام اعتبارات أخلاقية في عملية الحكم بين أعمال فنية معينة لن يكون لها ما يبررها، فليقم الداعية الأخلاقي حكما على الفن ككل، وليقيض له ما يرى أنه مكانه الصحيح بين وسائل الخير، ولكن إذا كان المقام مقام أحكام إستطيقية، أي أحكام مقارنة بين أعضاء فئة واحدة، أي بين الأعمال الفنية بوصفها أعمالا فنية، فليمسك هذا الداعية لسانه.
1 (2) المفارقة
كلنا يعرف قصيدة «بانت سعاد» لكعب بن زهير، ويعرف قصتها، وهي قصيدة جادة في مدح الرسول والاعتذار له، يقول مطلع هذه القصيدة:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا
إلا أغن غضيض الطرف مكحول
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة
لا يشتكى قصر منها ولا طول
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت
Unknown page