Dalāʾil al-nubuwwa li-Abī Nuʿaym al-Aṣbahānī
دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني
Editor
الدكتور محمد رواس قلعه جي، عبد البر عباس
Publisher
دار النفائس
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
بيروت
Genres
Prophetic Biography
٥٥ - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ⦗١٠٤⦘ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﵄ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ إِيَادٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " أَيُّكُمْ يَعْرِفُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟، قَالُوا: كُلُّنَا نَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:، فَمَا فَعَلَ؟، قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: رَحِمَ اللَّهُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ مَا أَنْسَاهُ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بِسُوقِ عُكَاظٍ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَوْرَقَ أَحْمَرَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ عَلَيْهِ حَلَاوَةٌ وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَمِعُوا وَاسْتَمِعُوا وَاحْفَظُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ، لَيْلٌ دَاجٍ، وَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، بِحَارٌ تَزْخَرُ، وَنُجُومٌ تُزْهِرُ، وَمَطَرٌ وَنَبَاتٌ، وَآبَاءٌ وَأُمَّهَاتٌ، وَذَاهِبٌ وَآتٍ، وَضَوْءٌ وَظَلَامٌ، وَبِرٌّ وَآثَامٌ، لِبَاسٌ وَمَرْكَبٌ، وَمَطْعَمٌ وَمَشْرَبٌ، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَخَبَرًا، وَإِنَّ فِي الْأَرْضِ لَعِبَرًا، مِهَادٌ مَوْضُوعٌ، وَسَقْفٌ مَرْفُوعٌ، وَنُجُومٌ تَمُورُ، وَبِحَارٌ لَا تَغُورُ، أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا حَقًّا، لَئِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ رِضًا لَيَكُونُ سَخَطًا، إِنَّ لِلَّهِ دِينًا هُوَ أَحَبُّ الْأَدْيَانِ إِلَيْهِ مِنْ دِينِكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ، مَا لِي أَرَى النَّاسَ ⦗١٠٥⦘ يَذْهَبُونَ وَلَا يَرْجِعُونَ، أَرَضُوا بِالْمُقَامِ هُنَاكَ فَأَقَامُوا، أَمْ تُرِكُوا هُنَاكَ فَنَامُوا؟ ثُمَّ قَالَ: أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا بَرًّا لَا إِثْمَ فِيهِ مَا لِلَّهِ عَلَى الْأَرْضِ دِينٌ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ دِينٍ أَظَلَّكُمْ إِبَّانُهُ، وَأَدْرَكَكُمْ أَوَانُهُ، طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَهُ فَاتَّبَعَهُ، وَوَيْلٌ لِمَنْ أَدْرَكَهُ فَفَارَقَهُ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الكامل]
فِي الذَّاهِبِينَ الْأَوَّلِينَ ... مِنَ الْقُرُونِ لَنَا بَصَائِرْ
لَمَّا رَأَيْتُ مَوَارِدًا ... لِلْمَوْتِ لَيْسَ لَهَا مَصَادِرْ
وَرَأَيْتُ قَوْمِيَ نَحْوَهَا ... تَمْضِي الْأَصَاغِرُ وَالْأَكَابِرْ
لَا يَرْجِعُ الْمَاضِي إِلَيَّ ... وَلَا مِنَ الْبَاقِينَ غَابِرْ
أَيْقَنْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ ... حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرْ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:، يَرْحَمُ اللَّهُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ، لَأَرْجُو أَنْ يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ،. وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَيْنَا نَحْنُ فِي مَلَاعِبِنَا إِذْ أَشْرَفَ عَلَيْنَا مِنْ شُرْفَةِ الْجَبَلِ، وَرَأَيْتُ طَيْرًا كَثِيرًا، وَوَحْشًا كَثِيرًا فِي بَطْنِ الْوَادِي، فَإِذَا ابْنُ سَاعِدَةَ مُؤْتَزِرٌ بِشَمْلَةٍ مُرْتَدٍ بِأُخْرَى، وَبِيَدِهِ هَرَاوَةٌ، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى عَيْنٍ مِنْ مَاءٍ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَا وَإِلَهِ السَّمَاءِ لَا يَشْرَبُ الْقَوِيُّ قَبْلَ الضَّعِيفِ، بَلْ يَشْرَبُ الضَّعِيفُ قَبْلَ الْقَوِيِّ ⦗١٠٦⦘، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ الْقَوِيَّ مِنَ الطَّيْرِ يَتَأَخَّرُ عَنْ شُرْبِ الضَّعِيفِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْقَوِيَّ مِنَ الْوَحْشِ يَتَأَخَّرُ عَنْ شُرْبِ الضَّعِيف» ِ، فَلَمَّا تَنَحَّى مَا حَوْلَهُ، هَبَطْتُ إِلَيْهِ مِنْ ثَنِيَّةِ الْجَبَلِ، فَرَأَيْتُهُ وَاقِفًا بَيْنَ قَبْرَيْنِ يُصَلِّي، فَقُلْتُ: أَنْعِمْ صَبَاحًا، مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي لَا تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ؟ قَالَ: صَلَّيْتُهَا لِإِلَهِ السَّمَاءِ، قُلْتُ: وَهَلْ لِلسَّمَاءِ مِنْ إِلَهٍ سِوَى اللَّاتِ وَالْعُزَّى؟، فَانْتَفَضَ. ثُمَّ قَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا أَخَا إِيَادٍ، إِنَّ لِلسَّمَاءِ إِلَهًا عَظِيمَ الشَّأْنِ، هُوَ الَّذِي خَلَقَهَا فَسَوَّاهَا، وَبِالْكَوَاكِبِ زَيَّنَهَا، وَبِالْقَمَرِ الْمُنِيرِ وَالشَّمْسِ أَشْرَقَهَا، أَظْلَمَ لَيْلَهَا، وَأَضَاءَ نَهَارَهَا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
1 / 103