96

Dalail Icjaz

دلائل الإعجاز

Investigator

محمود محمد شاكر أبو فهر

Publisher

مطبعة المدني بالقاهرة

Edition Number

الثالثة ١٤١٣هـ

Publication Year

١٩٩٢م

Publisher Location

دار المدني بجدة

وتَشاهَدوا له بالفضْل، ثم جَعلوه كذلك من أجلِ "النظْم" خصوصًا، دونَ غيرهِ مما يُستحسَنُ له الشعرُ أو غيرُ الشعر، من معنى لطيفٍ أو حكمةٍ أو ادبٍ أو استعارةٍ أو تجنيسٍ أو غيرِ ذَلك مما لا يَدخلُ في النَّظم، وتأَمَّلهْ١، فإِذا رأيتَكَ قدِ ارتحْتَ واهتززْتَ واستحسنْتَ، فانظرْ إِلى حرَكات الأريحيَّةِ ممَّ كانتْ؟ وعندَ ماذا ظهرَتْ؟ فإِنك تَرى عِيانًا أَنَّ الذي قلتُ لك كما قلتُ. اعمد إلى قول البحتري: بَلَوْنا ضَرائبَ مَنْ قد نَرى ... فَما إنْ رأَينا لِفتح ضَريبا هُوَ المرءُ أَبْدتْ له الحادِثاتُ ... عَزْما وَشِيكا ورأيا صَليبا تنقَّلَ في خْلُقَيْ سُؤْدُدٍ ... سَماحًا مُرجَّى وبَأسًا مَهيبا فكالسَّيفِ إنْ جئتَه صارِخًا ... وكالبَحْر إِن جئتَه مُسْتثيبًا٢ فإِذا رأيتَها قد راقَتْك وكثرتْ عندك، ووَجدْتَ لها اهتزازًا في نفسك، فعُدْ فانظرْ في السَّببِ واستقْصِ في النَّظر، فإِنك تَعلمُ ضرورةً أنْ ليس إلاَّ أَنه قدَّم وأخَّر، وعرَّف ونَكَّر، وحذفَ وأضمرَ، وأعادَ وكرَّر، وتوخَّى على الجُملةِ وجْهًا منَ الوُجوهِ التي يَقْتضيها "علْمُ النحو"، فأصاب في ذلك كلِّه، ثم لَطُفَ مَوضعُ صَوابه، وأتى مأتًى يُوجِبُ الفضيلةَ. أفلا تَرى أنَّ أولَ شيءٍ يَروقُك منها قولُه: "هو المرء أبدت لها الحادثات" ثم قولُه: "تنقَّل في خُلْقَيْ سؤددِ" بتنكير "السؤدد" وإضافة "الخُلُقين".

١ - السياق: "فاعمد إلى ما تواصفوه .... وتأمله". ٢ في ديوانه، في الفتح بن خاقان، "الضرائب" جمع "ضريبة"، وهي الطيبعة والخلق. و"الضريب"، المثيل والشبيه. و"المستثيب" طالب الثواب.

1 / 85