عليه الجنَّةَ، وقوله لحسَّان: "قُلْ وروحُ القُدُس معك" ١، وسماعَه له، واستنشادَهُ إياه، وعِلْمهُ ﷺ به، واستحسانَه له، وارتياحَه عند سماعه؟
أَمرَه ﷺ بقول الشعر وسماعه:
١٦ - أَمّا أَمرُهُ به، فمنَ المعلوم ضَرورةً، وكذلك سَماعُه إِيّاه، فقد كان حسانٌ وعبدُ الله بنُ رَواحَة وكعبُ بن زُهير يمدحونَهُ، ويَسْمعُ منهم، ويُصغي إِليهم، ويأمرهم بالردِّ على المُشركين٢ فيقولون في ذلك ويَعْرِضون عليه، وكان ﵇ يَذكرُ لهم بعضَ ذلك، كالذي رُوي من أنه ﷺ قال لكعبٍ: "ما نَسِيَ ربُّك، وما كان ربُّكَ نَسِيًّا، شعرًا قلْتَه"، قال: وما هوَ يا رسولَ الله؟ قال: "أَنْشِدْه يا أبا بكر"، فأنشده أبو بكر رضوان الله عليه:
زعَمتْ سَخينةُ أنْ سَتَغلِبُ رَبَّها ... ولَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغلاب٣
استنشاده الشعر:
١٧ - وأما استنشادُه إِيّاهُ فكثيرٌ، من ذلك الخبرُ المعروف استنشادهِ، حين اسْتَسقى فسُقيَ، قولَ أبي طالب:
_________
١ خرجته في تهذيب الآثار للطبري، وفي مسند عمر.
٢ روى الخطيب وابن عساكر عن حسان، أن النبي ﷺ قال له: "اهج المشركين وجبرائيل معك، إذا حارب أصحابي بالسلاح، فحارب أنت باللسان". وفي حديث جابر عند ابن جرير أنه قال يوم الأحزاب: "من يحمي أعراض المؤمنين؟ " قال كعب: أنا يا رسول الله. قال: "نعم، اهجهم أنت، فسيعينك روح القدس" "رشيد".
٣ خرجت خبر كعب بن مالك في تذهيب الآثار، مسند عمر. والبيت في ديوان كعب بن مالك: ١٧٨ - ١٨٢، وانظر طبقات فحول الشعراء: رقم ٣٠٥. و"سخينة"، لقب كانت تعير به قريش. و"السخينة"، طعام يتخذ من الدقيق، دون العصيدة في رقته وفوق الحساء، وإنما كانت نؤكل في شدة الدهر، وغلاء الأسعار، وهزال الأنعام، فعيروا بأكلها.
1 / 17