عنه بأنه يُسرعُ، وحتى تَبتدئَ إثباتًا للسُّرعَة، لأنك إنْ لم تَفْعلْ ذلك، تركْتَ المبتدأ، الذي هو ضميرُ "زيدٍ" أو اسْمُه الظاهرُ، بمَضِيعةٍ، ١ وجعَلْتَه لَغُوًا في البَيْن٢، وجرى مجْرى أن تقول: "جاءني زيدٌ وعمرو يُسرع أمامه"، ثم تزعُمُ أنك لم تستأنِفْ كلامًا ولم تبتدئ للسرعة إثباتًا، وأنَّ حالَ "يُسْرعُ" ههنا، حالُه إذا قلتَ: "جاءني زيدٌ يسرعُ، فجعلْتَ السرعةَ له، ولم تذكُرْ "عَمرًا"، وذلك مُحال.
٢٤٥ - فإن قلتَ: إنَّما استحالَ في قولك: "جاءني زيدٌ وعمرو يُسرعُ أمامَه" أَن تَرُدَّ "يُسرع" إلى "زيدٍ" وتُنْزِله منزلةَ قولكَ: "جاءني زيدٌ يُسرع"، من حيث كان في "يُسرع" ضميرٌ لعمرو، وَتَضَمُّنُهُ ضميرَ عمرو يَمْنع أن يكونَ لزيدٍ، وأن يقدَّرَ حالًا له. وليس كذلك: "جاءني زيدٌ وهو يسرعُ"، لأنَّ السرعةَ هناك لزيدٍ لا محالةَ، فكيفَ ساغ أن تَقيس إحدى المسئلتين على الأُخرى؟
قيل: ليس المانعُ أن يكون "يُسرع" في قولك: "جاءني زيد وعمرو يسرع أمامه"؟ حالًا من زيدٍ أنَّه فعلٌ لعمرو، فإنك لو أخَّرْتَ "عَمرًا" فرفَعْتَه "بيُسرع"، وأولَيْتَ "يسرع" زيدًا فقلت: "جاءني زيد يسرع عمرو أَمامَه" وجدتَه قد صلُح حالًا لزيدٍ، مع أنه فعْلٌ لعمرو وإنما المانعُ ما عرَّفْتُكَ، مِنْ أنكَ تدَعُ "عَمرًا" بمَضِيعةٍ٣، وتجيءُ به مبتدأً، ثم لا تعطيه خبرًا٤.
١ السياق: "تركت المبتدأ ... " بمضيعة".
٢ "في البين"، أي بينهما، وقد فسرته آنفًا.
٣ انظر الفقرة السالفة: ٢٤٤.
٤ عند هذا الموضع حاشية في "ج"، هي بلا شك من كلام عبد القاهر: هذا نصها: