149

Dalail Icjaz

دلائل الإعجاز

Investigator

محمود محمد شاكر أبو فهر

Publisher

مطبعة المدني بالقاهرة

Edition Number

الثالثة ١٤١٣هـ

Publication Year

١٩٩٢م

Publisher Location

دار المدني بجدة

تقديم المحدث عنه في الخبر المنفي:
١٣٤ - واعلمْ أَنَّ هذا الصنيعَ يقتضي في الفعل المنفيِّ ما اقتضاهُ في المُثْبَت، فإِذا قلتَ: "أنتَ لا تُحْسِن هذا"، كان أشَدَّ لنَفْي إحسانِ ذلك عنه من أن تقول: "لا تحسن هذا"، ويكون الكلام في الأول مَن هو أَشدُّ إعجابًا بنفسهِ، وأَعرَضُ دَعْوى في أنه يُحْسنُ، حتى إنك لو أتيتَ بـ "أنْتَ" فيما بعدَ "تُحسِن" فقلتَ: "لا تُحسِنُ أنتَ"، لم يكن له تلك القوة.
وكذلك قولُه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٩]، يفيدُ مِنَ التأكيد في نَفْي الإِشراك عنهم، ما لو قيل: "والذين لا يُشْركون بربَّهم، أو: بربَّهم لا يشركون" لم يُفِدْ ذلك. وكذا قولُه تعالى: ﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ [يس: ٧] وقولُه تعالى: ﴿فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَاءَلُون﴾ [القصص: ٦٦]، و﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنفال: ٥٥].
مواضع التقديم والتأخير: مثل وغير
تقديم "مثل" و"غير" كالأمر اللازم:
١٣٥ - ومما يُرى تقديمُ الاسم فيه كاللازم: "مثْل"، و"غير"، في نحو قوله:
مثلك يثني الحزن عن صَوْبِه ... ويَسْتَرِدُّ الدَّمعَ عَنْ غَرْبِهِ١
وقولِ النَّاسِ: "مِثْلُكَ رَعى الحقَّ والحُرْمَةَ"، وكقولِ الذي قال لهُ الحَجَّاجُ: "لأَحْمِلَنَّكَ على الأَدْهمِ"، يريد القَيْد، فقال على سبيلِ المغالَطةِ: "ومِثْلُ الأميرِ يَحْمِلُ على الأَدهم والأشْهب"٢، وما أشبهَ ذلك مما لا يقصد فيه

١ المتنبي، في ديوانه، وفي المطبوعة: "يثني المزن"، وهو خطأ صرف.
٢ يعني الأدهم والأشهب من جياد الخيل.

1 / 138