129

Dalail Icjaz

دلائل الإعجاز

Investigator

محمود محمد شاكر أبو فهر

Publisher

مطبعة المدني بالقاهرة

Edition Number

الثالثة ١٤١٣هـ

Publication Year

١٩٩٢م

Publisher Location

دار المدني بجدة

تفسير ذلك، أنك إذا قلت: "أأنت تمنعي؟ "، "أأنتَ تأخذُ على يدي؟ "، صرتَ كأنك قلتَ: إنَّ غيرَك الذي يستطيعُ منْعي والأخْذَ على يدي، ولستَ بذاك، ولقد وضعتَ نفسَك في غيرِ موضعِك هذا، إِذا جعلْتَه لا يكونُ منه الفعلُ للعَجْز، ولأنه ليس في وُسْعه. وقد يكونُ أن تجعلَه لا يجيءُ منه، لأنه لا يَختارُه ولا يَرْتضيه، وأنَّ نفْسَه نفسٌ تَأْبى مثلَه وتَكْرَهُه. ومثالُهُ أن تَقول: "أَهو يسأَل فلانًا؟ هو أَرفعُ همَّةً من ذلك"، "أَهو يمَنعُ الناسَ حقوقَهم؟ هو أكرمُ من ذاك". وقد يكونُ أن تَجعله لا يَفْعله لصِغَر قدْره وقِصَر همَّته، وأَنَّ نفْسَه نَفسٌ لا تَسمو. وذلك قولُك: "أهوَ يَسْمح بمثلِ هذا؟ أهوَ يرتاحُ للجميل؟ هو أقصرهمة من ذلك١، وأَقلُّ رغبةً في الخيرِ مما تظن".

١ "من ذلك"، ساقطة من "س".

مواضع التقديم والتأخير: الاستفهام تفسير تقديم الاسم والفعل مضارع: ١٠٩ - وجملةُ الأَمرِ أنَ تقديَم الاسمِ يَقْتضي أنَّك عَمَدتَ بالإِنكارِ إِلى ذاتِ مَنْ قيلَ "إِنَّه يَفْعل" أو قالَ هو "إني أفعلُ"، وأردتَ ما تُريدُه إِذا قلتَ: "ليسَ هوَ بالذي يفعلُ، وليس مثلُه يَفعل" ولا يكونُ هذا المعنى إِذا بدأتَ بالفعل فقلتَ: "أَتفعل؟ ". أَلا ترى أن من المُحالَ أنْ تَزعم أنَّ المعنى في قولِ الرجلِ لصاحبهِ: "أتَخْرجُ في هذا الوقتِ؟ أتغرِّرُ بنفسكَ؟ أتمضي في غيرِ الطريق؟ "، أنَّه أَنكَرَ أنْ يكونَ بمثابةِ مَن يفعلُ ذلك، وبموْضعِ من يجيء منه ذاكَ؛ لأنَّ العِلمَ مُحيطٌ بأنَّ الناسَ لا يُريدونه، وأنَّه لا يَليقُ بالحالِ التي يُستعملُ فيها هذا الكلامُ. وكذلك مُحالٌ أن يكونَ المعنى في قولِهِ جلَّ وعلاَ: ﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا

1 / 118