67

Dafʿ īhām al-iḍṭirāb ʿan āyāt al-kitāb - Ṭ. Maktabat Ibn Taymiyya

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

Publisher

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Publisher Location

توزيع

Genres

عَنْ قَتْلِ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْكُفَّارِ بَعْدَ
أَنْ قَطَعَ يَدَهُ فِي الْحَرْبِ: لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْكَلِمَةَ الَّتِي قَالَ.
وَهَذَا الْوَجْهُ مِنْ قَبِيلِ كُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ، وَخُلُودٍ دُونَ خُلُودٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ أَنَّ مَعْنَى الْخُلُودِ الْمُكْثُ الطَّوِيلُ، وَالْعَرَبُ رُبَّمَا تُطْلِقُ اسْمَ الْخُلُودِ عَلَى الْمُكْثِ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيَدٍ:
فَوَقَفْتُ أَسْأَلُهَا وَكَيْفَ سُؤَالُنَا ... صُمًّا خَوَالِدَ مَا يَبِينُ كَلَامُهَا
إِلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ، وَعَلَى التَّغْلِيظِ فِي الزَّجْرِ، حَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَلَامَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِكُلِّ مَا سِوَاهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْقَاتِلَ عَمْدًا مُؤْمِنٌ عَاصٍ لَهُ تَوْبَةٌ، كَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ الْآيَةَ وَادِّعَاءُ تَخْصِيصِهَا بِالْكُفَّارِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا.
وَقَدْ تَوَافَرَتِ الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ.
وَصَرَّحَ تَعَالَى بِأَنَّ الْقَاتِلَ أَخُو الْمَقْتُولِ فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ الْآيَةَ [٢ \ ١٧٨]، وَلَيْسَ أَخُو الْمُؤْمِنِ إِلَّا الْمُؤْمِنَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا [٤٩ ٩] فَسَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي قِصَّةِ الْإِسْرَائِيلِيِّ الَّذِي قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَوْلَى بِالتَّخْفِيفِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِأَنَّ اللَّهَ رَفَعَ عَنْهَا الْآصَارَ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ.

1 / 69