Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
Publisher
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
Publisher Location
توزيع
Genres
قَوْلِهِ تَعَالَى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا الْآيَةَ.
وَلَكِنَّ هَذَا الْجَمْعَ الَّذِي ذَهَبَتْ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ «ص» عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ السَّجْدَةَ فِي «ص» فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ [٦ \ ٨٤]، أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ فَسَجَدَهَا دَاوُدُ فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ مِنَ الْفُرُوعِ لَا مِنَ الْأُصُولِ، وَقَدْ بَيَّنَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَجَدَهَا اقْتِدَاءٍ بِدَاوُدَ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا شَافِيًا فِي رِحْلَتِي، فَلِذَلِكَ اخْتَصَرْتُهَا هُنَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ الْآيَةَ.
هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى إِرْثِ الْحُلَفَاءِ مِنْ حُلَفَائِهِمْ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [٨ ٧٥] .
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَاسِخَةٌ لِقَوْلِهِ: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ الْآيَةَ. وَنَسْخُهَا لَهَا هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ وَافَقَهُ فِي الْقَوْلِ بِإِرْثِ الْحُلَفَاءِ الْيَوْمَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ.
وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مَعْنَى: فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ، أَيْ مِنَ الْمُوَالَاةِ وَالنُّصْرَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا.
هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَكْتُمُونَ مِنْ خَبَرِهِمْ شَيْئًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [٦ \ ٢٣]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ [١٦ \ ٢٨] .
وَقَوْلِهِ: بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا [٤٠] .
وَوَجْهُ الْجَمْعِ فِي ذَلِكَ هُوَ مَا بَيَّنَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ لَمَّا سُئِلَ
1 / 63